Qawmi

Just another WordPress site

 

ناجي علوش

السبيل 3/2/2011

إن الانتفاضة الشعبية في أرض مصر دليلٌ حاسمٌ على أن الجماهير العربية ليست نائمة ولا مستسلمة، بل هي جماهير حية رغم الظلم والقهر الذي تعيشه، وهي استمرار لانتفاضة الجماهير في تونس، تلك الانتفاضة التي غيرت وجه تونس، وأطاحت بالنظام الحاكم، وهي ما زالت تعيد رسم وجه تونس الجديدة.

لكن انتفاضة مصر، حتى لو كانت مكملة لما حدث في تونس، ذات آفاق أوسع وأكبر مما جرى في تونس للأسباب التالية:

لأن مصر أكبر من تونس، فهي تعد ثمانين مليوناً من السكان-1

2 – لأن دور مصر العربي والأفريقي والدولي أكبر من دور تونس

3 – لأن مصر دولة عربية مركزية على تخوم العدو الصهيوني

 

إن هذا لا يقلل من دور انتفاضة تونس لأنها كانت الشرارة التي أشعلت الهشيم، وحركت البراكين. 

وتعني الانتفاضة في مصر أن المواطنين العرب لا يحنون رؤوسهم للظلم، ولا يستسلمون للفقر، بل يرفعون رؤوسهم في وجه الظلم والقهر، ويتطلعون لوضعٍ أفضل ويحنون لفجرٍ مشرق يغمر وطنهم ويشرق عليهم.  وهذا يتطلب أن تستمر الانتفاضة لتحقيق أهدافها ولكنس دولة الظلم والقهر، حتى تعود مصر إلى دورها الناصري، وإلى قيادة التغيير في الوطن العربي وأفريقيا.

ونحن لن نعلن الفرحة حتى تحقق انتفاضة مصر أهدافها، وحتى يشرق فجرٌ جديد على الوطن العربي الذي انتكس منذ وفاة جمال عبد الناصر، وانتكست مع موته الثورة الناصرية، وأخذ الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه يعيش مرحلة تراجع وجزر، وأخذ الوجود الصهيوني يطل برأسه، ويملي سياساته على الوطن العربي.

فهل نعيش لنرى انتفاضة ناصرية جديدة تعم أرجاء الوطن العربي، لتعود الناصرية إلى سالف مجدها، ولو بثوب جديد واسم جديد، لنرى بشائر الوحدة تعم، ويترابط الوطن العربي من جديد، وترحل مناخات التجزئة والخنوع، ويشرق النور العربي الجديد لجماهير عربية متحمسة يقظة، تسعى إلى شروق عربي جديد غامر ديموقراطي، يغطي الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، ويمثل إرهاصاً جديداً لوطن عربي جديد متلاحم، واعٍ، ناهض مشرق، يسهم في بناء الوطن العربي، وبتحرير آسيا وأفريقيا؟

إننا نرنو بعيوننا إلى ذلك الفجر الباهر، ونأمل أن نعيش هذه المرحلة الجديدة، مرحلة البعث الجديد، واليقظة الباهرة، واللحظات الريانة الغامرة.

لقد كانت مصر دائماً تعكس آمال كل العرب، وهي اليوم تعود إلى دورها، والعرب أحوج ما يكونون إليها، فهل تحقق مصر من جديد آمالنا وتعود بنا إلى أحلامنا الزاهرة، ومطامحنا الظافرة؟  إننا نرجو لمصر كل خير، لأن خيرها خيرنا، وسطوع نورها ينعش قلوبنا ونفوسنا، وينحنا الأمل رغم ما بدر من شيخوخة باكرة مع الانقلاب على الناصرية.  أملنا كبيرٌ بمصر، وبانتفاضتها التي تحمل للعرب أجمعين كل خير، ولأفريقيا ولكل شعوب العالم الثالث.

لقد كنت أخشى أن أموت والعرب راسفون في قيود ذلهم، ونائمون في صحارى سكاتهم، ولكني منذ صباح أمس استشعر أن الفجر سيشرق، وأن مصر ستعود إلى دورها، وإلى إنجازاتها الرائعة، وأن المد الناصري الجديد بدأ يطل برأسه، ويغمر ربوعنا، ويمنحنا الأمل بفجر عربي جديد طالما انتظرناه وحلمنا به.

واليوم أصبحت أحتضن أملاً جديداً، وأرنو إلى المستقبل بعينٍ جديدة، وآمال جديدة.  فهل يتحقق هذا الأمل، وننام بقلوبٍ هانئة متطلعة إلى مستقبل جديد، يزخر بالآمال والتطلعات؟  إننا نرجو ذلك…

أملنا بمصر دائماً كبير، وهي حاضنة الثقافة العربية، وراعية الآمال العربية في كل تاريخها، ولا اعتقد أنها ستخذلنا.  ونحن عندما نراهن على مصر لا نفعل ذلك انطلاقاً من الخيال، بل من حقائق الواقع، وتجارب التاريخ.  فمصر كسرت جيش المغول دفاعاً عن حياض الأمة، وقت لم يستطع أحد أن يهزم المغول.

ومصر التي أحالت ظلام العهود العثمانية المتأخرة إلى نهضة فكرية وسياسية عمت المشرق والمغرب، ونقلتنا من عهود الجهل والظلام إلى عهود النهضة والقيام، مصر هذه قادرة أن تنقلنا من الظلمة إلى النور، ونحن بانتظارها كما كنا دائماً، ومصر لم تخيب الأمل أبداً إلا في عهد أنور السادات.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *