Qawmi

Just another WordPress site







بشار شخاترة


شكل اندفاع قوات داعش داخل الأراضي العراقية خلق ازمة على مستوى المفكرين وعلى مستوى العامة، ازمة فرز بين مؤيد ومعارض وعلى أرضية من التجاذب المتصاعد تعكس اما ضبابية في المشهد او حالة ثأرية لدى البعض.



والحقيقة ان النتيجة التي يخلص لها أي محلل في أية قضية تتقرر بناء على المنهج المنطلق في تحليل الظواهر السياسية.



وانطلاقا من منهج قومي جذري في تحليل الازمة العراقية بل الانفجار العراقي الأخير، نقول ان نقطة المنطلق في الحكم على أية قضية يجب ان تستند الى الجذر وهو مصلحة الامة وهو المنهج المنطقي للوصول الى نتيجة منطقية يصلح الاستناد اليها لتبني موقف سياسي.



إذا كيف تصنف الحالة العراقية الراهنة بعد سيطرة داعش على بعض المدن؟



ان مسار الاحداث على الأرض العراقية يتم رسمه بريشة اشبه ما تكون بريشة بيرسي كوكس ضابط المخابرات البريطاني الشهير الذي ينسب اليه انه خط بريشته حدود التجزئة في المشرق العربي، فخطوط التماس على جبهات القتال ترتسم بلون طائفي، فسيطرة داعش على مناطق ذات اغلبية (سنية) وتمدد الاكراد على حدود كردستان التاريخية الموهومة، وعجز الدولة عن اخراج داعش من مناطق سيطرتها بل اضطرار الجيش العرقي للتمترس والدفاع عن بغداد يعزز فرضية اننا امام خطوط تماس طائفي غير معلن.



وفي ذات المعنى السابق فان استقرار هذه الخطوط والتي قد تصبح خطوط هدنة قد تتحول بفعل الضغوط الدولية الغربية تحديدا الى حدود معترف بها، فالأكراد يطالبون بإجراء استفتاء للانفصال بعدما احكموا سيطرتهم على مناطق لطالما حلموا بها وكانت دائما السلطة في بغداد أي سلطة في هذا الخصوص ضد انفصالهم، على انه ليس ببعيد تطور حالة طائفية مسنودة بغطاء اعلامي فيما يسمى المثلث السني للمطالبة بدولة تنفصل عن العراق ونكون بذلك امام ثلاث دول لها اعلامها وحواضنها والمدافعين عنها.



ولنسأل هل من المصلحة القومية هدم الكنائس وتهجير المسيحيين في سهل نينوى؟



ان المشروع الاصولي التكفيري يبني أيدولوجيته على (أسلمة) كل شيء وبالتالي يصبح مسيحيو سوريا والعراق والشرق عموما هدفا مفضلا لهم، علما ان هؤلاء هم من يمثل المسيحية بمعناها الأصيل وبمعناها القومي من حيث اننا امة عربية واحدة بحكم عروبتنا لا تفريق فيها على أساس الدين، وخطوات التهجير المسيحي الممنهج يتساوق مع النهج الغربي في تفريغ الشرق العربي تحديدا من مسيحييه، في هكذا معادلات دينية مذهبية تصبح (إسرائيل)دولة يهودية مبررة إقليميا ودوليا.



إذا اين هي الثورة الشعبية التي يقودها أبناء العشائر وضباط الجيش وحزب البعث بطبعته النقشبندية؟ هل ملأت داعش عقول هؤلاء جميعا؟ اين هي المنظومة العقائدية للبعث في مواجهة مشروع التقسيم الواقع فعليا وفي تصفية الناس وأين هي من الإعلان الأخير عن دولة الخلافة التي ضمت تحت رايتها ميدان (الثورة) الشعبية التي يتحدث عنها البعض؟



اثارة هذه الأسئلة هي محاولة للفهم ولفرز القوى، فالمنطق الثأري لا يصلح ان يقود نهجا وطنيا للخلاص من الطائفية الحاكمة في بغداد، ولا يصح ان تطغى عقلية الثأر للانتقام من الوطن بحجة احراق المعبد على رؤوس الجميع.



داعش تنفذ مشروعها دون استئذان من أحد، لأنها واقعيا هي سيدة الموقف هناك وان كان ضمن من يقاتل حكومة المالكي هم ابناء عشائر تشعر بالتهميش او عناصر بعثية او عناصر من الجيش العراقي المنحل، فالواقع يتقرر بالممارسة الأقوى لا بالأماني والاحلام وفرص الانتقام التي تلوح في الأفق، ما يجري عبارة عن مقدمات للانفصال ولكن حين تنضج ظروفه.



ومن حيث النتيجة وحتى يصلح ان نتبنى موقفا سياسيا، نسأل في حال انتصرت داعش ومن هم في ركبها او انتصر المالكي بما يمثله من سلطة أي الخيارين أصلح للعراق وايهما يصب موضوعيا في هذا التناقض تحديدا في مصلحة الامة؟



الإجابة ستحدد الموقف المناسب تبعا للمنهج المتبع في التحليل كما اسلفنا ، فمثلا لو اجبنا بمنهج ليبرالي سنجد ان هذا المنهج سيركز على حقوق ومظالم حقيقية وان مجريات الأمور هي ثورة في وجه الطغيان وعليه النتيجة تتقرر سلفا بأحقية الأقلية بان تحكم نفسها أي مشروع انفصالي ، واذا ما اتبعنا المنهج القومي الذي يأخذ المصلحة القومية بعين الاعتبار سنجد انه يغلب وحدة العراق واستقرار بنية الدولة بشكلها الحالي افضل بما لا يقاس من الحالة الانفصالية التي ستؤول اليها تصاريف الاحداث حكما ، وعليه ستجد نفسك تصب في دعم المالكي ؟!



الحقيقة انها ليست دعما للمالكي بالقدر الذي تدافع فيه عن وحدة العراق، وليست دعما له غير ان وجوده في السلطة الان وفي هذا المعترك تقاطع موضوعيا مع مصلحة قومية عليا ، والمالكي بما هو عليه لا يمكن لاحد حمله والدفاع عنه وعن سياسته فهو طائفي بما لا يقل عن داعش واداة اتى على الدبابة الامريكية نعم، ولكن الفارق انه لا يحمل المشروع الانفصالي الداعشي ،ادرك جيدا حساسية الموقف ودقته ولكن لا يجرمنكم شنآن قوم على الا تعدلوا ،ففي مواجهة مخاطر تفسخ العراق لا معنى للمواقف الملتبسة التي تبغي تسجيل نقاط تحت إرهاب عمالة هذا او ذاك، بالنهاية المعادلة السياسية العراقية القائمة حاليا تحتاج للكنس من الأساس ولكن على أرضية المشروع القومي التحرري لا على أرضية الدواعش.



وفي النهاية داعش في العراق هي ذاتها في سوريا، وحتى لا نعمي أنفسنا بأيدينا، وحتى لا نكون أسرى الحالة الطائفية التي وضع فتيلها الاحتلال الأمريكي، وانهمك الزرقاوي بتنفيذه بشكل مقيت على انه لا ننكر القوى الطائفية (الشيعية) ودورها أيضا الا ان ممارسات القاعدة كانت الأشد ما أدى الى نزوح داخلي عراقي على أساس مذهبي رعاه الاحتلال، نزوح لم يدركه كثير في آنه يمهد للحظة كالتي يواجهها العراق وقد تم فرز المناطق طائفيا ولم يبقى الا اعلان الانفصال.



قصة المظلومية تتكرر كما سبق في سوريا وليبيا واليمن وغيرها، وكان الهدف الحقيقي هو هدم بنيان الدولة وتفكيكها من خلال تفكيك الجيوش، لذلك يجب الا نفقد بوصلتنا في سبيل ثارات او مطالب او تهميش، على ان ذلك كله قابل للعلاج تحت عنوان قومي لا ديني مذهبي سيعصف بكل شيء والعنوان القومي مفقود من (الثورة) في العراق حاليا والعنوان الظاهر هو الخلافة.


للمشاركة على الفيسبوك:

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=547534768703398&id=100003406391684

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *