Qawmi

Just another WordPress site

 بشار شخاترة

تكاد شمس هذا العام تغيب وقد تغير المشهد السياسي في الوطن العربي تغيرا ملموسا وصعدت إلى سلطة الحكم احزاب كانت قبل اقل من عام مطاردة في المنافي او في المعتقلات ، وعلى رأسها حركات الإسلام السياسي التي اوصلتها (ثورات الربيع العربي) إلى هرم السلطة في تونس وهي على وشك إن تحكم في مصر أما في ليبيا فقد امسكوا بالسلطة بحرب أطلسية أطاحت بالحكم الشرعي وتسلمت القوى الإسلامية مقاليد الأمور فيها .

اما الاردن والمغرب فان الأمور أخذت طابعا أكثر هدوءا فالمغرب اعتلى الإسلاميون السلطة تحت ظل العرش الملكي وفي الأردن سيصلون إلى هذه النتيجة وخصوصا بعد إعادة الحكومة الأردنية أهم مؤسسة اقتصادية اجتماعية لحركة الإخوان المسلمين وهي جمعية المركز الإسلامي الخيرية .

 

في كل المشهد السابق من المحيط إلى الخليج لم يطرح شعار واحد يشير إلى أساس المعضلة التي يفترض أن  الجماهير هبت  من اجل القضاء عليها ألا وهي التبعية وإعادة بناء الدولة في سياق كسر حواجز التجزئة وطرح مسألة الصراع مع العدو الصهيوني  واستبعاد طبقة الحكم السائدة بطبقة تعبر عن الشعب وتحمل آماله لا إعادة انتاج واقع قائم بوجوه جديدة توحد الله وتحض على اللباس المحتشم وتحاصر مظاهر الفسق والرذيلة في المجتمع وتحارب جيوب الفساد السابق . 

 

الإسلاميون يحاولون الإيحاء بأنهم ولضرورات المرحلة ولغايات عدم الالتفاف على الثورة بثورة مضادة فإنهم يخفون أجندتهم الحقيقية من قضية الصراع مع العدو الصهيوني وبناء فضاء إسلامي يكون قادرا على المواجهة عندما تتهيأ الظروف بالتكامل مع الحليف والأخ التركي ، فهذا التكتيك يندرج تحت ترتيب الأولويات في سياق استراتيجي في عقولهم ومن السابق لأوانه التصريح به أو السير فيه .

 

قد يقول قائل أعطوهم فرصة وخصوصا أن تيار الإسلام السياسي لم يجرب بعد ، ومن الظلم الحكم عليهم سلفا دون وضعهم على محك التجربة .

 

الواقع إنني لا أريد أن أعطيهم هذه الفرصة لأن حالة الأمة الراهنة لا تملك ترف إعطاء الفرص والتجريب ليس لأني أخالف الإسلاميين في نهجهم وخطهم السياسي وليس على قاعدة أنني عروبي وارى انه لا خلاص لامتنا إلا بالمشروع القومي العربي الوحدوي التحرري والذي ينطلق من أرضية الأمة وان الفرد مندمج في أمته على أن تقدم له الأمة الكفاية والعدل والكرامة ، وان كان الباعث القومي يكفي للحكم عليهم ليس تطرفا ولكن من منطلق علمي موضوعي .

إن إعطاء الفرص في ظرف تاريخي وعالمي وإقليمي يهدر فرصة ثمينة يمكن لجماهير الأمة تحويل الحركة الشعبية العربية العفوية إذا أحسن استثمارها أن تضع امتنا على سكة التقدم والوحدة لا على سكة الحرية والعدالة (التركي) ، وبالعودة للفرص وأصحابها نقول أن الإسلاميين سبق لهم التجربة في السلطة في الوطن العربي في غير موضع في السودان وانتهت التجربة بانفصال السودان من اجل أوهام الترابي الإسلامية على حساب المواطنة ومن اجل بقاء البشير في السلطة ، وثانيها إمارة العراق الإسلامية التي أشعلت حربا طائفية في العراق أنقذت المحتل الأمريكي بعد أن وصل إلى حائط مسدود عام 2006 ، وثالثها تجربة حماس وسنتحدث عنها في هذا السياق لاحقا .

 

ان الواقع الذي صعدت القوى الإسلامية إليه متشابك ومعقد ، ومسارات الاقتصاد في الدول العربية باستثناء سورية جميعها مرتبطة بالاقتصاد المعولم ولم تبدي هذه القوى الصاعدة إلى السلطة موقفا رافضا لها بل على العكس أكدوا في غير موضع وغير مكان في تونس ومصر والمغرب وليبيا بأنهم مع اقتصاد السوق والالتزام بالاتفاقيات الاقتصادية الموقعة مما يعني بقاء الاقتصاد العربي رهن التبعية وعلى الهامش تملكه قوى اقتصادية مرتبطة أساسا بالغرب وهذه القوى الاقتصادية أساسا لم تطلها الثورة ولا تزال تعمل بنفس الأسس القديمة والذي حدث فعلا أن اللاعبين السياسيين تغيروا أما النهج الاقتصادي التابع بقي وهو ما تعول عليه الامبريالية في قادم الأيام إذا ما تعارضت مصالح الحلفاء القدماء الجدد الامبريالية والإسلاميين علما أن الإخوان المسلمين في مصر دعموا وبقوة إعادة الأملاك واسترداد الأراضي من الفلاحين  التي امتتها ثورة يوليو أثناء عضويتهم في مجلس الشعب عام 2005 ، وعليه فان إعطاء الفرص سيفوت اللحظة التاريخية للحركة الشعبية في أن تصفي الكمبرادور وتعيد توجيه الاقتصاد في سياق وطني منفتح عربيا .

 

أما واقع قوى الإسلام السياسي فانه بقدر ما تعرف هدفها المرحلي الراهن وهو القبض على السلطة إلا أنها تعيش أزمة لم تظهر للعلن وهي ماذا ستفعل في اليوم التالي ، فمن انعدام البرنامج أساسا إلى المفاجأة التي أوصلتها للحكم بدأت في محاولة استنساخ التجربة التركية ، ولكنها لم تفطن بعد أن التجربة التركية أيضا ما هي إلا حالة قومية تركية أطلسية بثوب عثماني هذا إذا أحسنا الظن بالإسلاميين !! ولم تدرك أيضا بحكم الخواء الفكري لديها إن المؤسسة العسكرية في مصر وتونس سوف تلعب دور الجيش التركي الذي كان يعتبر نفسه حامي العلمانية كلما أراد أن ينقلب على الحكومات ، ولكن هنا سيلعب الجيش دور حامي الثورة ويطيح بأي حكومة تغرد خارج السرب وعندها تكون محركات الشارع قد تم استيعابها ومن قوى الإسلام السياسي ابتدءا .

 

أصل إلى عقدة مفصلية في بنيان ( الثورة ) بزعامتها الإسلامية وهي في تحالفها مع الناتو من اجل السلطة معلنة الحرب على سورية ووصف نظامها بأبشع الصفات واستخدام الوسائل القذرة في حربها على سورية  في الوقت الذي  تغازل هذه القوى  ( الإسلامية ) الكيان الصهيوني من التهافت على طلب الحوار مع (إسرائيل ) عبر أثير الإذاعة الصهيونية ( حزب النور المصري – سلفي ) إلى تصريحات الإخوان المسلمين بالالتزام بمعاهدة كامب ديفيد في مواجهة مع توجه الأمة ضد الكيان ، لينكشف وجه الثورة القبيح ويكشف عن انقلاب لا ثورة بمعناها الحقيقي ، فإذا كانت القوى الإسلامية تحاول أن تغازل الكيان الصهيوني – وهو ما نرفضه بشدة ويندرج تحت خانة الخيانة وليس التطبيع فقط – من اجل تامين الثورة كما يقال وتجنب المواجهة ألان فبأي معنى تصنف حملتهم الشرسة على سورية ونظامها والذي رعى المقاومة ووقف في وجه المشاريع الصهيو أمريكية وأبقى سورية في دائرة القرار المستقل في محيط عربي وإسلامي حتى ورقة التوت سقطت عنه .

 

وهنا أعود إلى حماس وسلطتها في غزة لربط حلقات ( الربيع العربي ) مع التحالف الإسلامي الأطلسي مع حقيقة مشروع قوى الإسلام السياسي وموقفه المائع ذو الطابع السلطوي فقط ، فحماس باتت اقرب من أي وقت مضى من خط التسوية وقبول حل الدولتين بالرغم من تصريحات قادتها عن المقاومة المسلحة كخيار إلا أنها دخلت على خيارات عباس في المقاومة الشعبية ومحاولة دمجها في منظمة التحرير الفلسطينية بما يعنيه ذلك من قبول بخط المنظمة التفاوضي بل التفربطي في وقت كانت ترفض هذه الشروط أيام كان أعداؤها كثر ولا حليف لها إلا سورية وخاضت حربا خرجت منها بنصر بالتحالف مع غيرها من القوى في غزة ! توجهات حماس الجديدة لا يمكن فصلها عن سياق صعود الإسلاميين إلى السلطة وعن التحالفات الإسلامية الأطلسية ، من هذه النقطة تحديدا أقول إذا كانت حماس – التي تمثل رأس حربة وتخوض صراعا ضاريا ومكشوفا في مواجهة العدو الصهيوني وفي ظل حصار قاس –  تتراجع بدل أن تتقدم وتنكس البندقية بدل أن تشهرها في زمن أصبح أو أوشك جوارها ان يصبح إسلاميا مئة بالمائة ويرنو لوحدة إسلامية كما وصفه محمود الزهار ، فان المشروع الإسلامي بطبعته الجديدة أطلسي بامتياز ولا يستحق أن يمنح أي فرصة بل يجب الوقوف في وجهه لما يمثله من استيعاب لحركة الشعب وإعادة بناء قوى سياسية جديدة تحافظ على القيود الامبريالية من اجل وهم أن يحكم الإسلام في الأرض والحقيقة أن يحكم الإسلاميون  في الأرض وبين هذا وذاك مسافات لا يردمها إلا توجيه الصراع نحو الامبريالية ومن يمثلها .

 

 

     

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *