Qawmi

Just another WordPress site

 

محمد كعوش   

 قضية تؤرقني وتقلقني وتؤلمني غائبة عن وعي الكثيرين عن قصد او غير قصد, ولكنها خطيرة, لأن باستمرارها سيتم تفتيت الامة العربية والوطن العربي بالكامل حسب وصايا بن غوريون, اي الى مجموعة من الدويلات والامارات الطائفية والعرقية الضعيفة التي تضمن ديمومة الوجود الاسرائيلي في قلب الوطن العربي…

فمنذ سقوط, او فشل المشروع النهضوي العربي, وغياب التيار القومي عن الساحة السياسية في طول الوطن العربي وعرضه, لم يستطع التيار السياسي الاسلامي ان يلعب دور الوريث او البديل في طرح مشروع جديد يلم الشمل ويجمع شظايا الامة في مشروع نهضوي جديد, رغم ان التيار السياسي الاسلامي مشروع اشمل بأهدافه الاممية, الا انه ظل في اطاره الديني الضيق رغم تعاطيه العمل السياسي الذي يفتقد الى برنامج استراتيجي واضح, او حلول مقنعة للقضايا الوطنية البعيدة عن التنظير…

اكثر من ذلك, فالاحزاب الدينية السياسية الاسلامية تفضل المعارضة الخفيفة التي لا تصل الى حدود الصدام مع السلطة, اي سلطة في الوطن العربي, وهي معارضة مهادنة في معظم الاوقات, وربما بعضها وقف ضد المصلحة الوطنية وتعاون مع الاحتلال كما حدث في العراق خلال الغزو الامريكي لبغداد في العام .2003

هذا الواقع المر أوجد فراغا في الساحة العربية لعقود مضت, لعبت الانظمة العربية خلالها دورا سلبيا بدأت آثاره تظهر على الساحة بشكل واضح, فقد انشأ النظام العربي المريض اجيالا من الشباب يفتقرون الى المعرفة الوطنية الحقيقية ويمتنعون عن الانخراط في العمل السياسي, وهم اقرب الى التغريب من التعريب, وهم مغيبون تماما عن القضايا الوطنية والقومية, لأنهم نشأوا في ظل ازدهار التوجه الانعزالي القائم على سياسة التفرقة الطائفية والعرقية والقطرية والجهوية والعنعنات القلبية, وذلك في ظل غياب عدالة اجتماعية حقيقية وتلاشي الممارسة الديمقراطية في الحياة السياسية العربية… رافق ذلك انسحاب مفكرين ومثقفين قوميين وتبنيهم الفكر القطري…

لذلك, يرى المتابع بوضوح ظهور حركات انفصالية للاقليات العرقية في اكثر من بلد عربي والحبل على الجرار, كما نتابع بقلق تنامي المشاعر القطرية على حساب المسألة الوطنية والقضايا القومية, يرافقها انتشار العنف الاجتماعي والفوضى غير البناءة في العلاقة بين المواطن والسلطة ليس في بلد محدد بل في معظم الاقطار العربية…

هذه التربية الممنهجة والمنظمة انتجت وعياً مشوهاً عند المواطن العربي المفرغ من مشاعره الوطنية والقومية والهم العام, هذا المواطن سيبحث عن عدو داخلي بديل, لأنه لا يعرف عدوه الخارجي الحقيقي المشترك, وسيتسلح بشعارات وعناوين وعبارات تداعب مشاعر الكثيرين من المغيبين الغاضبين, الذين هم نتاج اوضاع قلقة مضطربة غير سليمة, لم تكن موجودة في مرحلة انتشار الوعي الوطني والقومي الذي حدد للجميع طريقهم, كما حدد لهم سبل مواجهة التحديات الكبرى والعدو المشترك, حين كان الصراع الحقيقي هو صراع عربي – اسرائيلي, رغم وجود محاور عربية اختلفت حول بعض القضايا..

حدث هذا قبل اسقاط المشروع العربي والانكفاء الى خنادق القطرية التي غيبت كل اشكال التعاون العربي, ونسفت الموقف العربي الموحد تجاه اقدس القضايا واخطرها, وهو الواقع الذي قادنا الى مرحلة الوضع الراهن حيث يحصد العرب الآن نتائجها المرة.. والآتي اعظم…

 

Kawash.m@gmail.com

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *