Qawmi

Just another WordPress site


الأربعاء, 19 أيار 2010

م. علي حتر

السبيل


سألني بعضهم، لماذا لم يظهر توقيعي على بيان روح الميثاق الذي أطلقه أحمد عبيدات، ووقعه حتى الآن أكثر من ثلاثة آلاف شخصية (وطنية).
 
والرد بسيط: هناك ثلاثة أسباب.. البيان يعتمد على الفصل السابع من الميثاق الوطني الصادر عام 1991
والفصل السابع من الميثاق مع أكثر من هوية لشعبنا
والميثاق مع تقنين فك الارتباط
وأنا لست مع تكريس أكثر من هوية لشعبنا في وعينا الشعبي
ولست مع تقنين فك الارتباط والتوقيع على ذلك شعبيا.. ونقله من قرار رسمي إلى مرجعية شعبية..
وهذا البيان عند توقيعه يصبح أول وثيقة ممهورة بالتواقيع الشعبية، تكرس فك الارتباط، وتقنن المبدأ السايكسبيكوي الذي يدعو لخلق أكثر من هوية لشعبنا..
 
أي أن البيان يكرس ما يقول معظم موقعيه أنهم يرفضونه!!
مع الاحترام الكامل للموقعين ونواياهم الحسنة، لكنني أعتقد أن ذاكرتهم لم تسعفهم في استرجاع نصوص الفصل السابع من الميثاق الوطني..
وأظن أن الدكتور عبد الرحيم ملحس تنبه إلى ذلك، فكتب بيانه الشخصي المعنون “عَرْدَسْطِيْنِيُّون”.. بدون تردد..
وأورد هنا بعضا من نصوص الفصل السابع من الميثاق الوطني للتذكير..
وإنني لمتأكد أن هذه النصوص لو أرفقت بالبيان لما وقعه كثيرون ممن وقعوا:
 
يقول الفصل السابع:
“ينبغي أن تقوم العلاقة الأردنية الفلسطينية على المرتكزات التالية:
أولا: أن الهوية العربية الفلسطينية هوية نضالية سياسية، وهى ليست في حالة تناقض مع الهوية العربية الأردنية، ويجب ألا تكون، فالتناقض هو فقط مع المشروع الصهيوني الاستعماري. وكما أن الهوية الوطنية الفلسطينية هى نقيض للمشروع الصهيوني، وتكافح من أجل هدمه، فإن الهوية الوطنية الأردنية من هذا المنظور هى أيضا نقيض للمشروع الصهيوني، وتحصين للأردن من مخططات الصهيونية ومزاعمها المختلفة. وبهذا المفهوم يصبح الأردن وفلسطين حالة عربية واحدة، بنضالهما المشترك في التصدي للمخطط الصهيوني التوسعي، ورفضهما الحازم لمؤامرة الوطن البديل”.
الكلام يبدو جميلا رنانا.. والنتيجة: هناك هويتان، والنتيجة الادعاء بنضال مشترك.. دون أن يكون هناك تعريف لهذا النضال المشترك أو المناضلين..
 
ثم يقول الفصل السابع:
“ثانيا: إن انعكاس المتغيرات السياسية على الساحة الدولية والعربية، وما وقع من تطورات على الساحة الأردنية – الفلسطينية، تمثلت في قرار فك الارتباط الإداري والقانوني بالضفة الغربية المحتلة، وموافقة منظمة التحرير الفلسطينية عليه، وقرار إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، واعتراف الأردن بها، وما نشأ عن تلك التطورات أو بسببها من واقع جديد، أكد خصوصية العلاقة الأردنية – الفلسطينية وتميزها، وأصبح أساسا لوضع تلك العلاقة في إطارها الصحيح، وإرسائها على أسس ومرتكزات واضحة”.
 
الكلام أيضا يبدو جميلا رنانا.. والنتيجة:
فك الارتباط يصبح ديدننا ومظلتنا.. وأساسا لوضع العلاقة الأردنية – الفلسطينية في إطارها الصحيح، وإرسائها على أسس ومرتكزات واضحة، والبيان هو الوسيلة لمنع دعاة الإقليمية من أن يستفردوا بالدعوة لتلك الإقليمية..
ولا أدري ما هي الأسس الواضحة أو الإطار الصحيح.. هل هو سايكس بيكو؟؟
وأخيرا: البيان ذكر فك الارتباط وما ينتج عنه.. ولم يذكر معاهدة وادي عربة.. والموقعون يتذكرون فك الارتباط.. ويوقعون على تمريره.. وينسى أو يتناسى بعضهم أحد أهم أسباب استمرار مأساتنا، وهو المعاهدة..!!
وكأن المعاهدة لم تعد ذات قيمة في حياتنا..
 
لهذه الأسباب لم ولن أوقع على البيان.. مع احترامي للكثيرين ممن وقعوه.. لأنني أعرف أن نواياهم حسنة..
والسؤال: بماذا يختلف البيان عن بيان المتقاعدين الأول.. الذي طالب بدسترة فك الارتباط؟ وبتمزيق هويتنا؟
هل اختلفت فقط أسماء الموقعين؟؟
 
أنا لست مع البيان الأول الإقليمي التفتيتي.. ولكنني لم أر فيه اسما واحدا وافق رسميا على معاهدة وادي عربة.. أو دافع علنا عنها، أما بيان روح الميثاق.. ففيه الكثيرون ممن شغلوا مناصب هامة في ظل المعاهدة.. ودافعوا عنها، مثل بعض رؤساء الوزارات السابقين، والسفراء، ووزراء الخارجية.. فكيف يمكن أن تلتقي طموحاتي مع طموحاتهم ونحن في خندقين متصادمين؟ وهؤلاء لا يمكن أن يكون لهم “نوايا حسنة”، وكلهم على علم ودراية بما تعنيه الوثائق.. ولهذا وقعوا..
إن استمرار وجود توقيع ذوي النوايا الحسنة والمخلصين على البيان، سيتحول إلى أداة في يد الساعين لدسترة فك الارتباط والرسميين، لمواجهة دعاة الهوية الواحدة من أمثالي، وأتمنى أن تكفي النوايا الحسنة في مواجهة عدو مثل عدونا الصهيوني.. دون مقاومة.. في ظل الفصل السابع.. وإلى جانب المدافعين عن المعاهدة..
 
وفي الحقيقة: ليس هناك أي أهمية لو  صدر  عن القمة العربية.. وعن الحكومات العربية منفردة أو مجتمعة، وعن أمريكا والرباعية.. مليون بيان يؤيد سايكس بيكو، وفك الارتباط، وتفتيت وطننا إلى أحياء صغيرة، وشعوب وطوائف متعددة.. أما أن يصدر بيان واحد شعبي.. يكرس تفتيتنا.. فهو غير مقبول.. مهما كانت الدوافع والأسباب.. وسيحمل أبنائي نفس الهوية مع أبي الفحيصي، وأمي المقدسية، وجدتي لأمي البعلبكية، وحماتي الدمشقية ذات الجذور الزحلاوية.. وللعلم فقط.. فجدة زوجتي أيضا صعيدية..
 
ولكل الأسباب المذكورة أعلاه.. لم أوقع، ولن أوقع على إقرار تمزيق الهوية.. وتكريس فك الارتباط..
ولن أوقع على بيان «روح الميثاق الوطني».. لأنه منطلق من الفصل السابع..
ولا يمكنني أن أتقبل فكرة أن هناك حجة واحدة من الحجج التي يبرر بها الموقعون توقيعهم.. تستحق تثبيت سايكس بيكو وفك الارتباط.. شعبيا.
 
قد يقول بعضهم إنني لست واقعيا.. وإن الواقع يفرض علينا قبول التفتيت السايكسبيكوي، والتفتيت حاجة ضرورية لنا، علينا أن نكرسه حتى يتسنى أن يكون لنا علاقة أردنية – فلسطينية خاصة ومميزة، وحتى نرضي أصدقاءنا في العالم، وعلينا أن نتجاهل المعاهدة بما تفرض علينا من استحقاقات تصبح يوما بعد يوم واقعا محتملا.. وعلينا أن نفتخر بحقنا في تقرير المصير القطري.. في معزل عن أمتنا.. وأن نكون حريصين على شخصيتنا المستقلة التي نمت عبر آلاف السنين من الاستقلال الأردني، والاستقلال الفلسطيني.. كما يقول دعاة الأقلمة..
وأتمنى أن يتنبه الموقعون وأن يراجعوا أنفسهم..
 

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *