Qawmi

Just another WordPress site


تحقيق كوثر عرار

اتهم عدد من الفنانين التشكيليين صاحب أحد المراكز الثقافية، ببيع عشرين لوحة فنية كانت مودعةً لديه كأمانة، للمشاركة في “جدارية إعمار لبنان” التي نظمها نادي المهندسين الأردنيين بغية عرضها في مزاد علني في العاصمة اللبنانية “بيروت”، على أن يذهب ريعه كاملاً -وفق شهادات الفنانين- إلى أسر المتضررين وعوائل شهداء وجرحى العدوان الصهيوني على لبنان في تموز من عام 2007.

وبحسب الفنانين الذين التقت “السبيل” عدداً منهم، فإنه في إطار العمل بالجدارية تم التنسيق مع الفنان “عبد العزيز أبو غزالة” صاحب أحد المراكز الثقافية في جبل اللويبدة بعمّان، لوضع اللوحات التي يتم إنجازها لديه كوديعة إلى حين استكمال المشروع وعرضها في الذكرى السنوية الأولى للعدوان الصهيوني على لبنان، كاشفين أنهم فوجئوا بفقدان 20 لوحة من أصل 60 لوحة من أعمال الجدارية، ما حال -وفقهم- دون استكمال المشروع لا في الذكرى الأولى للحرب ولا في الثانية.

من جانبه، أكد مدير نادي المهندسين الأردنيين م.عصام السعدي لـ”السبيل”، صحة التهم التي وجهها الفنانون بحق صاحب محترف الرمال الفنان عبد العزيز أبو غزالة، قائلاً: “إن جميع ما قاله الفنانون بشأن اللوحات العشرين صحيح”.

وأفاد السعدي بأنه حصل على وصل البيع الموقع بخط أبو غزالة، وأن القضاء هو صاحب الفصل في هذه المسألة المزمع رفعها ضد أبو غزالة، لافتاً إلى أنه تمت مواجهة أبو غزالة بوصل الاستلام الذي خطَّه بيده وحمل توقيعه وتضمن إقراراً صريحا باستلامه مبلغ من المال ثمناً لتلك الأعمال, الأمر الذي نفاه أبو غزالة للسعدي، مؤكداً له أن وصل الاستلام مزور ولا أساس لصحته، متهماً بعض الجهات المنافسة -كما سماها- بتدبير هذه المؤامرة بهدف تشويه سمعته وسمعة مركزه الثقافي، على حد قول السعدي.

وأضاف السعدي أنه التقى بحضور الكاتبان زهير أبو شايب وإلياس فركوح، عبد العزيز أبو غزالة الذي جدد نفيه للتهم المنسوبة إليه بما فيها مسؤوليته عن فقد اللوحات، قائلاً إنه أعار هذه اللوحات لتاجر الأعمال الفنية نعيم فرحات -المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية- من أجل عرضها وإعادتها له فيما بعد.

وكشف السعدي لـ”السبيل”، أنه سافر إلى أمريكا للقاء تاجر وجامع الأعمال الفنية نعيم فرحات -لبناني الأصل- الذي أكد له أن اللوحات العشرين مِلك خاص به لكونه اشتراها من عبد العزيز أبو غزالة، بموجب وصل استلام خطي أبرمه معه في مركزه الثقافي الكائن في جبل اللوبيدة بتاريخ 16 حزيران 2007، نافياً أن يكون استعار اللوحات لغايات عرضها وردها لاحقاً.

وقال السعدي: “أخبرني نعيم فرحات أنه قد زار مركز أبو غزالة في عمان بناء على طلب الأخير، حيث عرض نعيم فرحات عليه شراء جميع اللوحات، إلا أن أبو غزالة ادعى حقه بالتصرف بعدد من اللوحات وأنه يملك حق بيعها والتصرف بها، فاختار فرحات عشرين لوحة منها ودفع له ثمنها وكان برفقته الفنان الأردني عدنان يحيى”.

وفي لقاء لـ”السبيل” مع الفنان عدنان يحيى، أكد صحة ما ورد في حديث تاجر الأعمال الفنية نعيم فرحات، قائلاً: “كل ما قاله السيد فرحات صحيح، إذ كنت معه عندما اشترى تلك الأعمال ودفع ثمنها”.

وحاولت “السبيل” مرات عدة الاتصال على هاتف عبد العزيز أبو غزالة، لمعرفة رده على معرض الاتهامات المنسوبة إليه بخصوص لوحات الجدراية العشرين، غير أنه لم يرد على اتصالاتها الكثيرة إلى جانب عدم رده على أسئلتها عبر موقعه في “الفيس بوك”.

بدوره، قال محامي النقابات المهنية راتب الجنيدي رداً على سؤال “السبيل” حول ما آلت إليه قضية جدارية إعمار لبنان: “إن ملف القضية بحوزتنا، وقد قمنا بتوجيه إنذار عدلي لعبد العزيز أبو غزالة قبل مدة، وقد اجتمعنا ظهر أمس مع إدارة نادي المهندسين للتباحث في الأمر”، مشدداً على أنه يتحفظ على ما نوقش في الاجتماع إلى حين الانتهاء من سير التحقيق في القضية.

يقول الفنان محمد نصرالله (أحد المشاركين في الجدارية): “شاركت بجدارية إعمار لبنان لإيماني بهذه القضية الوطنية، ولكن عندما آن الأوان لعرض هذه الجدارية فُقد جزء كبير منها، ومن ضمنها لوحتي التي شاركت بها وقيل لي ولغيري إن هذه اللوحات تم إعارتها، بعدها قال لنا القائمون على الجدارية إن شخصاً يدعى أبو غزالة تم وضع اللوحات لدية كوديعة، قام ببيعها دون الرجوع إلى الجهة القائمة على الجدارية وهي نادي المهندسين الأردنيين”.

وأضاف نصر الله لـ”السبيل”: “أنا لا أعرف أبو غزالة شخصياً، كل ما أعرفه أنني شاركت في العمل من لقناعاتي أولاً ثم لموقف نادي المهندسين المعروف ورئيسه المهندس عصام السعدي المعروف بالوطنية الثابتة”.

وتساءل الفنان محمد العامري (أحد المشاركين في الجدارية): ما الأسباب التي تمنع من رفع دعوى قانونية بحق “عبد العزيز أبو غزالة”، من أجل إعادة الأعمال التي قام ببيعها بعد أن وضعت عنده كأمانة؟ ولماذا قيل لنا إن هناك دعوى قانونية أقيمت ضده؟.

ويطالب الفنان عماد أبو حشيش (أحد المشاركين بالجدارية) بكشف تفاصيل القضية، التي بذل هو وزملاؤه فيها مجهوداً ووقتاً كبير لأجل مشروع وطني يؤمنون به.

وأشار الفنان إياد كنعان لـ”السبيل” إلى أن الاستجابة كانت من قبله ومن قبل باقي الفنانين التشكيلين للجهة القائمة على المشروع، لما تتمتع به من سمعة حسنة ودور مميز في العمل الوطني الممثلة بالمهندس عصام السعدي في حينه، مبيناً أنه اتصل به للاستفسار عن فقدان جزء من اللوحات.

ويضيف كنعان أن السعدي أكد له عدم تفريطه بحق الفنانين المشاركين في تلك الجدارية, وأنه سيبحث في الأمر لمعرفة كيفية فقدان تلك الأعمال.

ووفق كنعان، فإن السعدي أكد للفنانين أن القضاء هو الفصل في هذه المسألة, إذ إن الجهة المنظمة للجدارية بصدد رفع دعوى قضائية بهذا الشأن, وأنه واثق بعدالة القضاء ونزاهته.

وتساءل الفنانون المشاركون في الجدارية: “من يتحمل مسؤولية ضياع أو فقدان أو بيع تلك الأعمال بطريقة غير مشروعة؟ وإلى متى سيبقى الفنان ضحية سوء الإدارة وعدم جدية بعض الجهات الراعية للنشاطات الوطنية المختلفة؟ تلك الجهات التي ما زالت تقوم بالنشاط تلو النشاط دون أن تأخذ على عاتقها -على حد قولهم- مهمة كشف حقيقة ما حدث وتقديم الجناة للعدالة، وتحمل المسؤولية القانونية والاخلاقية عن ضياع أو تلف أو تسرب تلك الأعمال، التي قدمها الفنانون من أجل قضية لا يختلف اثنان على عدالتها”.

رئيس رابطة الفنانين التشكيلين غازي انعيم، أوضح أن الهيئة الإدارية تقف بقوة إلى جانب الفنانين الذين شاركوا بالجدارية في سبيل المطالبة بحقوقهم، مستدركاً بأنهم شاركوا في الجدارية من خلال نادي المهندسين دون تنسيق بين النادي والرابطة، وقال في حديث لـ”السبيل”: “الرابطة تنتظر ما سيقوله نادي المهندسين في هذه القضية التي من المفترض أن ترفع للقضاء، وبعد أن يصدر الحكم في القضية سيكون لنا رأي وسنتخذ الإجراء المناسب”.

واستنكر انعيم ما قام به صاحب محترف الرمال، نافياً أن يكون هذا الفعل سلوكاً يمثل الحركة التشكيلية أو الفنانين الأردنيين الذين وقفوا إلى جانب قضاياهم الوطنية والقومية.

ٍيبقى السؤال المحير الذي يحتاج إلى إجابة حقيقية وفورية -بحسب أعضاء رابطة الفنانين التشكيليين-: “من يتحمل مسؤولية ما حصل؟ والى متى يبقى دماء الشهداء وأسرهم وقضايانا المأساوية مادة للربح من قبل التجار الذين يعملون -على حد قولهم- باسم الوطن والقضية الفلسطينية والقضايا العربية، إلى متى سيعيش هؤلاء التجار حالة من الفصام؟

يشار إلى أن من بين المشاركين بجدارية إعمار لبنان والتي فقدت أعمالهم، كل من: محمد نصر الله، محمد العامري، جهاد العامري، حسين نشوان، خولة صيدم، علي عمرو، حكيم جماعين، عبد الرؤوف شمعون، أحمد وردة، أحمد الشاويش، بدر محاسنة، إياد كنعان، د. حسني أبو كريم، سامية الزرو، أحمد صبيح، ونعمت الناصر .