د. إبراهيم علوش
الرجاء الانتباه جيداً لمشروع تفكيك الصين، ولاستخدام ما يسميه الغرب “الورقة الإسلامية” في مشروع تفكيك الصين كما استخدمها في تفكيك يوغوسلافيا، مما أتاح مد حلف الناتو حتى حدود روسيا، وبالتالي تعزيز القوة العالمية الأمريكية… والخاسر الأكبر هم العرب دوماً.
كما لا بد من لفت الانتباه أن قائدة حركة انفصال تركستان الشرقية، أو اقليم شينجيانغ في الصين، ربيعة قادر، تعيش في الولايات المتحدة، وأن الولايات المتحدة يثير رعبها مد خط أنابيب الغاز من كازاخستان للصين الذي تم استكماله الآن، مما يعزز حلف شينغهاي بين روسيا والصين، ويضعف السيطرة الأمريكية العالمية بشدة.
ولنلاحظ طريقة تعامل الإعلام الغربي، وعلى رأسه البي بي سي البريطانية والسي أن أن الأمريكية مع أقلية اليغور التركية في الصين، وتبنيها لقضيتهم، مما يفترض أن يستحضر ذكريات ما برحت طازجة في الأذهان حول طريقة التعامل مع دارفور. وعلى ذكر دارفور، لا بد من تذكر الدعم الصيني للسودان، والصراع الصيني-الأمريكي في أفريقيا.
انتبهوا أيها الأخوة من المزالق المتسترة بالدين التي تخدم أهداف أمريكية فحسب. والذين قتلوا المسلمين في العراق وأفغانستان وفلسطين لا يمكن أن يكونوا أنصاراً للمسلمين في أوروبا الشرقية والصين، وفقط حيث يخدم ذلك مصلحة حلف الناتو. وعلينا أن ننتبه وأن نفرق بين المطالبة المشروعة لحقوق المواطنة المتساوية لأقلية اليغور التركية في الصين، ورفع المظالم إن وجدت، من جهة، وبين دعم مشروع الانفصال وطريقة إثارة الإعلام الغربي لقضية اليغور، مما يخدم المشروع العالمي لحلف الناتو.
وهذه بالمناسبة قضية قومية لأقلية تركية في الصين، أكثر منها قضية دينية، حيث توجد أربع أقليات مسلمة أخرى، أكبرها أقلية “الهوي”، وهي أكبر من أقلية اليغور، لا تطرح مطالب انفصالية… كما أن إقليم شينجانغ الصيني هو الوحيد الذي يحتوي على النفط والغاز في الصين، وبالتالي يؤدي فقدانه إلى ضرب النهضة الصناعية والاقتصادية والتكنولوجية للصين، ومن هنا لا يمكن التعامل مع القضية كقضية حقوق إنسان وأقليات فحسب كما تفعل وسائل الإعلام الغربية، وبعض وسائل الإعلام العربية. ولنتذكر أن معركة الانفصال الأخرى عن الصين في إقليم التيبت مدعومة مباشرة من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية سي أي إيه، وأن الدالي لاما كان يتلقى راتباً من تلك الوكالة كما نشرت وسائل الإعلام الغربية وتجدون طي الروابط أدناه.
وبهذه المناسبة أود أن أقدم المواد التالية المكتوبة قبل فترة والمتعلقة بمشاريع الغرب لتفكيك الصين وروسيا وإضعافهما، ومنها هذه المقالة عن مشروع تفكيك الصين وروسيا التي أقتطف منها ما يلي:
الولايات المتحدة تثير القلاقل لروسيا وللصين عشية الأولمبياد
http://www.freearabvoice.org/arabi/maqalat/USATotheerAlkala2elLeRussiaandchine3ashyyetAlolympic.htm
د. إبراهيم علوش
عشية افتتاح الألعاب الأولمبية في بكين في 8/8/2008، وفي الأيام القليلة التي سبقته، انفجر في آنٍ معاً صراعان خامدان نسبياً يتضمنان أقليات عرقية على حدود روسيا والصين، وهما:
1) عدوان جورجيا الحليفة العزيزة للولايات المتحدة والكيان الصهيوني على أوستيا الجنوبية التي يحمل معظم سكانها الأوستيون الجنسية الروسية،
2) مجموعة من الهجمات والتفجيرات في إقليم شينجيانغ الصيني ذي الغالبية الإسلامية، يومي 4/8 و9/8، من قبل حركات انفصالية تطالب باستقلال ما تسميه “تركستان الشرقية” عن الصين (الانفصاليون يعتبرون إطلاق اسم “شينجيانغ” على إقليمهم، وتعني “الحدود الجديدة” بالصينية، أمراً استفزازياً).
ويلاحظ النفاق في موقف حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بالنسبة لهذين الصراعين في تأييد “وحدة الأراضي الجورجية” بالنسبة للأقلية الأوستية الجنوبية المدعومة من روسيا في جورجيا المدعومة من الطرف الأمريكي-الصهيوني، في الوقت الذي أيدت فيه واشنطن “حق تقرير المصير” للأقلية الألبانية في كوسوفو من أجل استكمال تفكيك يوغوسلافيا السابقة وإضعاف صربيا حليفة روسيا.
وعلى الرغم من أن واشنطن لا تقوم علناً على دعم انفصال “تركستان الشرقية”، أو شينجيانغ، كما تفعل بالنسبة لإقليم التبت، خاصة بعد وقوف الصين مع الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر 2001، خلال فترة تعاون صيني-أمريكي متزايدة، أثمرت عن وضع “حركة شرق تركستان الإسلامية” على لائحة الإرهاب في الولايات المتحدة عام 2002، بذريعة علاقتها بتنظيم القاعدة، فإن مجلس الشيوخ الأمريكي، فضلاً عن وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان الغربية، ما انفك يثير موضوع “المسلمين في الصين” بالإضافة إلى التيبت وتايوان وحقوق الإنسان.
وقد سبقت الإشارة في مقالة سابقة لكاتب هذه السطور حول أحداث الشغب في التبت في شهر آذار 2008: “… وليس من المستبعد أن نسمع قريباً عن تحركات انفصالية أو أعمال عسكرية في إقليم شينجيانغ الإسلامي في الصين، وهو مجاور لأفغانستان بالمناسبة، والإقليم النفطي الأساسي في الصين. ويجب أن تنتبه الحركات الإسلامية جيداً من خطورة فتح جبهة على الصين في الوقت الذي تسعى فيه الإمبريالية العالمية لتحجيم الصين وتفكيكها.”
http://www.freearabvoice.org/arabi/maqalat/malfAltebt.htm
الصين وروسيا استغلتا تورط الولايات المتحدة في طمي العراق وصحارى أفغانستان لتصعدا صعوداً سياسياً دولياً ملحوظاً، ولتملآ الفراغ الإستراتيجي في مجاليهما الحيويين، مما أشر لبدء التحول العالمي باتجاه تعددية القطبية، بعد هيمنة الولايات المتحدة على الساحة الدولية خلال السنوات التالية لانهيار حلف وارسو، أو تكتل الدول الاشتراكية.
ويبدو أن الولايات المتحدة قررت أن تستعيد زمام المبادرة الدولية بالتشويش على منافسيها الأساسيين، روسيا والصين. ويذكر بأن اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة أثار كثيراً من الضجيج حول دورة الألعاب الأولمبية في الصين، وأنه دعا لمقاطعتها، وطرح “معاناة دارفور” في السودان، وهي دولة أخرى مطلوب تفكيكها، عنواناً لتلك المقاطعة. ولما فشل مشروع المقاطعة الدولية لأولمبياد الصين، كان لا بد من تعكير صفوه بالأعمال الإرهابية وإثارة ورقة الأقلية اليغورية المسلمة في الصين، كما أثيرت ورقة الألبان في كوسوفو، من أجل تعبيد الطريق لتفكيك دول الممانعة لمد وتعزيز الهيمنة الأمريكية على أوروبا وآسيا.
أما في جورجيا، الحليفة القريبة للطرف الأمريكي-الصهيوني، فإن الرئيس سيكشفيلي، الذي كسر الرقم العالمي باستيراد الأسلحة من حيث الزيادة النسبية المئوية المقدرة بثلاثين ضعفاً (وليس ثلاثين بالمئة) خلال السنوات السابقة، اعتقد على ما يبدو أنه أصبح قادراً على “مباطحة” الدب الروسي التي استعاد بعضاً من عنفوانه في ظل الرئيس السابق بوتين. ويشار هنا إلى المادة التي نشرتها صحيفة السفير اللبنانية في 11/8/2008، تحت عنوان “إسرائيل” تقاتل في جورجيا، عن عمق التعاون العسكري والأمني الجورجي-الصهيوني… وإلى حقيقة “أن وزير الدفاع الجورجي، دافيد كيزراشفيلي، هو إسرائيلي سابق يتكلم العبرية بطلاقة”.
على كل حال، حتى ولو اغترت حكومة جورجيا الموالية لحلف الناتو بنفسها، دون أن يقبلها حلف الناتو بسبب اعتراض فرنسا وألمانيا، فإن الولايات المتحدة المشرفة على القوات الجورجية تسليحاً وتدريباً تعرف بالتأكيد أن تلك القوات لا قبل لها بروسيا، ولكن كان لا بد من استخدام الورقة الجورجية، فاستخدمت.
الأوستيون الجنوبيون بالمناسبة، بالرغم من جوازات سفرهم الروسية، ليسوا روساً، بل من أقلية تنتمي بالأساس للأرومة الفارسية، ومعظمهم من المسيحيين، لكن بينهم أقلية مسلمة، وهم امتداد للأوستيين الشماليين، وهم من نفس الشعب، سوى أنه يقع بالكامل في روسيا، بينما تقع أوستيا الجنوبية في جورجيا، التي اتخذت موقفاً عدائياً من الأوستيين والأبخازيين منذ استقلالها عن الاتحاد السوفياتي في بداية التسعينات، وألغت الحكم الذاتي الذي كانوا يتمتعون به في ظل الاتحاد السوفياتي، وحاولت تطهيرهم عرقياً تحت شعار “جورجيا للجورجيين”!
أما الأبخازيون، وهم أيضاً حلفاء روسيا، فهم عرقياً غير الأوستيين، وهم من الشعوب القوقازية، من أرومة الشركس، وأبناء عم لهم عرقياً، ومعظمهم من المسلمين، مع أن بينهم أقلية مسيحية أرثوذكسية، بيد أن القوى السياسية الأساسية بينهم ليست إسلامية التوجه. وفي هذه الحالة تؤكد الولايات المتحدة أيضاً على “وحدة الأراضي الجورجية”، وليس على “حق تقرير المصير”، كما في حالة ألبان كوسوفو. ولا تؤيد روسيا الأبخازيين أو الأوستيين على قاعدة “حق تقرير المصير” أيضاً، بل على قاعدة الحفاظ على حقوقهم وأمنهم ضمن جورجيا، مع أن الأبخازيين والأوستيين كلاهما أعلن الاستقلال.
بالمناسبة، شعب اليغور في إقليم “شينجيانغ” أو تركستان الشرقية يمثل ثمانية ملايين من أصل تسعة عشر مليوناً في الإقليم، فهو ليس الأقلية المسلمة الوحيدة في الصين، بل هو ثاني أكبر أقلية مسلمة، بعد أقلية “الهوي”HUI، وهم مسلمون صينيون من أصول عرقية عربية وفارسية وتركية وقوقازية اختلطت بقومية الهان، وهي الأكثرية المهيمنة عرقياً في الصين. و”الهوي” أكثر عدداً من اليغور، وأكثر اندماجاً بكثير في نسيج المجتمع الصيني، وتقوم مطالب حركاتهم السياسية أساساً على المساواة والحقوق الدينية وليس على الانفصال. وهناك أيضاً بين المسلمين الصينيين القوزاق والقرغيز والمنغوليين وغيرهم. أما اليغور فيمثلون أساساً مشروعاً قومياً تركياً، ويتلقون دعماً من الأقليات اليغورية في الغرب وتركيا وباكستان، وهو الأمر الذي لا بد أن يثير التساؤلات حول صلاتهم بالنظام التركي والأمريكان… فالمطلب الانفصالي عن الصين تطرحه الحركات السياسية لليغور أساساً، أكثر بكثير من غيرهم من مسلمي الصين.
باختصار، حكومة الولايات المتحدة منافقة، وهي تتبنى فقط تلك الأقليات التي تساعدها على تفكيك أعدائها. وتسكت عن اضطهاد الأقليات في معظم الحالات الأخرى حتى يحين موعد استغلالها سياسياً. ولهذا يجب أن نتحلى بالوعي في التعاطي مع واتخاذ الموقف المناسب من كل مطلب للأقليات في سياق الوضع الإقليمي والدولي، وكيف يفيد أو يضر مشروع الهيمنة الأمريكية، وليس بالمطلق. ولا يجوز أن نؤيد أي مطلب أقلوي حيث يفيد في تعزيز الهيمنة الأمريكية على العالم أو أي جزء منه، من اليغور إلى ألبان كوسوفو.
ملف التبت:
http://www.freearabvoice.org/arabi/maqalat/malfAltebt.htm
– مشروع تفكيك الصين وعلاقة الديلي لاما العلنية بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA
– مشروع تفكيك الصين وخلفيات الصراع في التبت من زاوية العلاقات الدولية
– الأساس الاقتصادي لتمرد الرهبان البوذيين في التبت على الحكومة الصينية
بين تفكيك يوغوسلافيا وتفكيك الوطن العربي
http://www.freearabvoice.org/arabi/maqalat/BaynaTafkeekYokslofkyaWaTafkeekAlwatnAl3arbi.htm
اترك تعليقاً