العرب المتطرفون؟!

الصورة الرمزية لـ ramahu

naji3am81

 ضرار البستنجي

      التطرف أقصى درجات التشدد والتعصب, ويرى البعض أنه التشدد المرتبط بممارسة فهو لا يقتصر على التعصب الفكري بل يترجم الى ممارسة منطلقة من هذا التعصب,ويكون مرتبطاً  بالدين أو الفكر أو الطائفة عادةً  بحيث يشكل إنتصاراً للدائرة الأضيق وتكون غايته تحقيق مصالح الفرد أو مجموعته الضيقة بغض النظر على حساب من وماذا وفي مطلق الأحوال يجلب التطرف-على صاحبه أحياناًوعلى المحيطين به دائماً-أفات وويلات كثيره.

     وعبر التاريخ كان أكثر المتطرفين تأثيراً في البشرية هم اليهود المتطرفون  والصهاينة وطبعاً كان تأثيرهم مدمراً دائماً على العالم بشكل عام وعلى قضايا أمتنا بشكل أخص. وللأسف- دون أن يؤثر ذلك على مكاسبهم السياسية بمعناها المعلن أو على إنجازاتهم الذاتية التي كانت دائماً على حساب قتل الغير وسلب مايملك مستندين إلى المنطلقات الشيطانية الواردة في تعاليمهم الخاصة-كما في التلمود وبروتوكولات حكماء صهيون وغيرها- وإن أنكروا ذلك أواعتبره بعضهم مبرراً بالإرتكاز على كذبة المحرقة التي يدعونها, وقد تكللت  مكاسبهم بالنجاح في إنشاء كيانهم الصهيوني الإرهابي السرطاني على أرض فلسطين العربية واستكمل بالدعم المطلق من قبل قوى الامبريالية العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها.

     بالمقابل لابد من الإعتراف بأن  واقعنا العربي والإسلامي قد شهد ظهور قوى دينية متطرفة انتهجت القتل العشوائي والتكفير لكنها في الواقع-وفي معظمها- من صنيعة القوى الصهيوأمريكية التي دعمتها ومولتها لتستخدم لاحقاً في تشويه صورة العرب والمسلمين-وهوماكان- فيما كانت قوى المقاومة العربية والإسلامية الشجاعة والشرعية هي وليدة الفكر العربي والإسلامي ونتيجة طبيعية لتفاعل الصراع العربي الصهيوني في ظل السلبية والضعف في الموقف والإرادة الرسمية وتعاظم الدعم الذي تقدمه دول الإستعمار العالمي للعدو,

      النتيجة أن الإرهاب سمة الصهيونية والصهاينة..والصهيونية ليست قومية, ففي البعد القومي … المسألة مختلفه تماماً خاصةً في القومية العربية .

فالقومية بمفهومها العام لا تلغي الأخر ولا تلغي حضارته وإن اعتز أصحابها بتاريخهم وحضارتهم بالدرجه الأولى , فحتى الشوفينية التي تعرّف على أنها المغالاة في التعصب القومي وحب الوطن ليست تطرفاً او ارهاباً-وهنا قد يتسائل البعض عن الفاشيه او النازيه وانا اقول ان الفاشيه والنازيه وان اعتبرت شوفينيه لم تمارس ما مارسته إنطلاقاً من روح قومية بقدر ماكانت انطلاقاً من نزعات ذاتية-وبالتالي المشكله ليست في القوميه والشعور القومي بل في في الالتزام به وممارسته بشكله الصحيح  , والقومية تشكل الإلتزام بالهم العام على حساب المصلحة الشخصية أو مصلحة المجموعة الضيقة وهو قمة الإيثار ونكران الذات والشعور بروح الجماعة.

        أما القومية العربية – وهي الاكثر نبلاً ومسؤولية وتقدماً – فهي ليست تعنتاً أو تعصباً أجوف بل هي وعي لذات الامة العربية صاحبة التاريخ المشرف والقيم النبيلة السامية التي عُرف بها العرب منذ خلقهم الله الى اليوم.

والقومية العربية نقيضها القطرية ..والطائفية.. والعشائرية…والمناطقية –وكلها مفاهيم متعصبة ضيقة- وبالتالي فالقومية العربية عكس التطرف, فهي نبذ للذات القطرية الضيقة وانتصارٌ للحلقة الأوسع وهي الأمة العربية فيتجلى تغليب المصلحة العربية العليا والتي لن تكون على حساب الأفراد أو المجموعات أو الأقطار فبالمحصلة المصلحة واحدة وتحقيق الأمن القومي العربي المعتمد على الوحدة العربية مصلحة لكل عربي في أرجاء الوطن العربي الواحد كما أنه مصلحة مطلقة لكل قطر عربي-ناهيك عن أن القومي المخلص لعروبته وطني مخلص لقطره حكماً – لذلك فالقومية العربية والوحدة والحرية هي فطرة كل عربي خاصةً في ظل التحديات التي تواجهها أمتنا ورسالتنا وليس صحيحاً ان المد القومي على الصعيد الشعبي في أضعف حالاته بل أعتقد أنه لم يضعف أصلاً.

   بالعودة إلى واقع الصراع فالقومية العربية بدورها مزيج من أخلاق العرب التاريخية وطموحاتهم السامية وليس فيها إقصاءٌ للقوميات الأخرى أو رفضٌ لموروثها الأخلاقي والحضاري على قاعدة الإحترام المتبادل وعدم المساس بالحقوق والمقدرات ,أما الصهيونيه – وهي تطرف مقيت- فلا موروث أخلاقي أو حضاري لديها وليس من الممكن التعامل مع وجود كيانها على أرض عربية على أنه أمر واقع أو منجز حضاري ,فهو اغتصاب وإرهاب بتميز,والصهيونية لا ينطبق عليها ما ينطبق على شعورنا تجاه الحضارات الأخرى فهي ليست حضارة كما أن صراعنا مع كيانها هو صراع وجود وليس صراع حدود أضف إلى ذلك الممارسات الإرهابية اليومية والقتل والتدمير الذي ألحقوه بأهلنا وأرضنا عبر تاريخ الصراع معهم ونستذكر هنا وقائع الأشهر القليلة الماضية منذ العدوان الغاشم على قطاع غزه البطل الصامد فالقتل والإرهاب اليومي لأهلنا في فلسطين كلها والاستمرار في بناء المستعمرات وازدياد خطوات تهوديد القدس العربية وغيرها الكثير والتي لن يكون أخرها مواقف الإرهابي الصهيوني ( أفيغدور ليبرمان) الذي يمارس مع أمثاله من مجرمي الحرب في (حكومة) الإرهابي نتنياهو أبشع أشكال الإرهاب والتطرف وعلى الرغم من إيماني بأن كل صهيوني هو إرهابي ومتطرف ويمثل خطراً على الإنسانية إلا أن هذا الجيل من السياسيين الصهاينة هو الأكثر خطورة, والمشكله الأكبر أن أنظمتنا في الوطن العربي تتحدث عن شريك في عملية السلام معتبرين أن المشكلة هي فقط في ليبرمان أو نتيناهو أو بيريز أو ليفني او او او …أو ربما في نهج بعضهم فقط.

والأغرب أن نتنياهو وعصابته مثلاً والذين يصفهم كل العالم بالتطرف لا يعيرون اهتماماً للعالم ودعواته للسلام ويتمسكون بالتطرف والإجرام أكثر بينما نلتزم نحن العرب سبلاً (سلمية) معتقدين أن (الإعتدال) سيعيد لنا ماسُلب أوما فرطنا به بتشرذمنا وخلافاتنا واستقوائنا بالغريب -العدو- على الشقيق بينما لم يعد من بد من التوحد ومن وضع استراتيجية عربية شاملة وموحدة للسلم والحرب لتحقيق كرامة الأمة وحريتها,فالصهاينة لا يتفقون إلا على سلب حقوقنا ومقدراتنا بينما لم نتفق نحن إلا على (مبادرة سلام) تفرط بكثير من حقوقنا ونصرعليها حتى بعد أن ضرب العدو بها عرض الحائط بل وبدأت اطراف عربية بالسعي لخفض سقفها أكثر.

      بالمحصلة…. إذا كانت العصابة الصهيونية التي تحكم كيان العدو-على تطرفها وقلة تعدادها- تستطيع أن تحقق لهم النصر والغلبة علينا –على اعتدالنا وكثرتنا-وأن تفرض على العالم بأسره الواقع الذي تريد مرتكزةً على قوة التطرف فربما نكون مخطئين في فهم المعادلة وفي فهم موقف العالم من التطرف والاعتدال فالعالم يفهم لغة القوة والمصالح لا لغة الدبلوماسية والضعف, فلا شك أنه بات لزاماً علينا أن نصبح اكثر توحداً وعروبةً وقوة في وجه العدو وأعوانه حتى ولو أطلق علينا العالم كله إسم (العرب المتطرفين), فما أدراك ,ربما يحقق التطرف العربي المستند إلى القوة والموقف الواحد كرامة الأمة وحماية حقوقها فنحفظ تاريخ الأمة المشرف ونحقق مستقبلها المرجو

 فتظل أمتنا-على الدوام- خير أمة أخرجت للناس.

 

 

Arabi.dirar@hotmail.com      

Tagged in :

الصورة الرمزية لـ ramahu

رد واحد على “العرب المتطرفون؟!”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


بالمختصر

تعتبر لائحة القومي العربي كل الإرث القومي العربي إرثاً لها، وتحاول أن تبني على منجزاته وإيجابياته وأن تتعلم من أخطائه وسلبياته، وتتميز عن غيرها على هذا الصعيد أنها تتبنى كل الرموز والإنجازات القومية سواء كانت ناصرية أو بعثية أو قومية يسارية أو قومية إسلامية، ولهذا فإن مشروعها هو بناء التيار القومي الجذري الذي يستطيع أن يواجه تحديات القرن الواحد والعشرين وأن يحقق الأهداف القومية الكبرى. فهي ترفض التقوقع في الماضي أو الدخول بأثر رجعي في صراعات داحس والغبراء بين القوميين العرب التي انتشرت في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات مما أسهم بإضعاف التيار القومي في الشارع العربي..