[youtube]http://www.youtube.com/watch?v=saJdgGZz5iY&eurl=http%3A%2F%2Fwww%2Earabeuropean%2Eorg%2Fenglish%2F&feature=player_embedded[/youtube]
عدنان برجي
في محاضرة عن استراتيجية الدولة العبرية في المنطقة، ادلى آفي ديختر رئيس «الشاباك» السابق بشهادته أمام الدارسين في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي.ومما قاله أن إسرائيل تجرّب مع الولايات المتحدة الاميركية محاولة اختراق الساحة اللبنانية وزرع الاختلالات فيها، لتعميق النزاعات السياسية والمذهبية والطائفية، وقطع الطريق أمام تحقيق التوافق بين القوى السياسية. واعتبر ديختر أن لبنان « أكثر بيئة إقليمية تفرض التحدي الاستراتيجي على إسرائيل». مضيفا ان خيار القوة استخدمته إسرائيل مع لبنان في عام 2006، وعدم نجاحها في تلك الجولة لا يعني استبعاد ذلك الخيار، الذي سيظل قائما والاستعداد له مستمر بوتيرة عالية. لكن في الوقت ذاته فإن إسرائيل لم تتوقف عن السعي لإحداث الاضطراب وتعميق الشقاق في الساحة اللبنانية. وقد حققت في ذلك نجاحات عدة، منها مثلا أنها استطاعت خلق بيئة معادية للمنظمات الفلسطينية «توّجت» باندلاع الحرب الأهلية عام 1975. وفي هذا الصدد أشار إلى التنسيق الذي قام بين إسرائيل وبعض القوى اللبنانية في تلك الحرب. حيث زودت إسرائيل تلك القوى بالسلاح والأموال، بموافقة رئيس الوزراء آنذاك إسحق رابين ووزير الدفاع شمعون بيريز.
بعد هذا التصريح الواضح وغير السري لم يعد مفاجئا اكتشاف شبكات التجسس الاسرائيلية في لبنان خلال الاسابيع المنصرمة، الأمر الذي استدعى تساؤلا مشروعا عن غايات هذه الشبكات واستهدافاتها وتاريخ عملها واسلوبها وأماكن تواجدها وكيفية بنائها. وفي محاولة الاجابة لابد اولا استذكار مضامين المشروع الصهيوني في لبنان والمنطقة، وثانيا القاء نظرة على اسلوب تجنيد العملاء، والظروف المساعدة في ذلك.
إن للعدو الصهيوني مشروعان في لبنان ، وليس مشروعاً واحداً. مشروع احتلالي يصل إلى صيدا، ومشروع تقسيمي يهمه تجزئة لبنان كله على أساس طائفي ومذهبي، بهدف تشكيل دويلات منفصلة عن بعضها البعض من خلال حروب أهلية لا تتوقف. وتنتقل هذه المادة التقسيمية من لبنان إلى العالم العربي، وهو ما تم التعبير عنه أميركياً بمشروع الشرق الأوسط الكبير الهادف الى تقسيم سبع دول عربية. واذا كان قد فشل المشروع الاحتلالي الصهيوني ، واضطر العدو لأن يندحر تحت ضربات المقاومة في العام 2000، فإنه ركّز جل طاقته على الجانب الآخر لمشروعه وهو تقسيم لبنان. وفي سبيل ذلك فإن العدو الصهيوني لن يدّخر جهدا أو وسيلة الا ويلجأ اليها، علّه ينجح في تفجير حروب مذهبية و طائفية، تؤدي إلى فرز سكاني، يعيد مشروع تقسيم لبنان كما كان مطروحا خلال حرب الستة عشر عاما ، قبل اتفاق الطائف ، ليكون لكل طائفة دويلة ولكل مذهب كانتونا.
وحتى ينفّذ العدو هذا المخطط، لا بد أن تكون له شبكات، وهذه الشبكات الصهيونية في لبنان، لا تعمل كلها عملاً واحداً، وليست كلها مختصة بتحقيق هدف واحد. فالشبكات الصهيونية في لبنان أنواع، منها شبكات تجسسيه لجمع المعلومات، عن الدولة اللبنانية وعن الجيش اللبناني و تركيبة الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي،او مايُطلق عليه صفة الاستطلاع.
وهناك شبكات أخرى تعمل على محاصرة المقاومة، وتسعى لمعرفة أماكن مخازن السلاح الثقيل والخفيف، وكيفية استدعاء المقاتلين وتعبئتهم واماكن تواجد القيادات، وكيفية عمل شبكات الاتصالات، وغير ذلك من الاهداف. وهناك شبكات تجسس أخرى، تقوم بالتجسس على الدول العربية وسفاراتها في لبنان، وتحاول هذه الشبكات الإيقاع بالدول العربية، لتبقى هذه الدول على تناقض مستمر، حتى لا تتجمع ضد هذا العدو الصهيوني. يقول آفي ديخترفي محاضرته اياها:” ان الجهود الاستخباراتية داخل لبنان والسياسية في المحافل الدولية هي التي اجبرت السوريين على الانسحاب من لبنان”
وهناك شبكات تجسس إسرائيلية، تتعاون مع المخابرات الأميركية والغربية عموماً في لبنان، تحت ستارمواجهة ما أطلقوا عليه تعبير ” محور الشر”.
وهناك بلا شك شبكات اقتصادية ، واخرى اعلامية. ولقد كشف الجيش اللبناني بين العامين 1990 و2000 عشرات الشبكات التجسسية الاسرائيلية، وقبيل العدوان الصهيوني عام 2006 اكتشف الجيش اللبناني شبكة تجسسية خطيرة يرأسها المدعو محمود رافع ، وقد اعترفت هذه الشبكة باغتيال الأخوين مجذوب في صيدا واغتيالات اخرى وتفجيرات عدة، وقالت ان رافع كان ينقل مواد متفجرة الى احدى مناطق جبل لبنان، ثم يعود في المرة الثانية ليجد ان آخرين قد استلموها بانتظار دفعة متفجرات جديدة.
ومن الملاحظ ان الشبكات المكتشفة اخيرا، تعمل منذ ثلاث أو خمس سنوات، وبعضها منذ ما يقارب الثلاثين سنة، وهي لاشك استفادت من فرقة اللبنانيين ومما جرى بعد العام 2005. ففي هذه المرحلة كانت بعض القوى اللبنانية لصيقة بالاميركيين والدول الغربية. وخلال تلك الفترة لم يكن هناك ملاحقة جدية لهذه الشبكات، مما شكل لها مناخا جد مناسب للعمل وتجنيد آخرين. لذلك لا نستغرب إذا ماتم كشف عشرات وربما مئات الشبكات، لأن الصهاينة ركزوا – وبعد فشل عدوانهم العسكري- على حرب أمنية استخباراتية على لبنان، الامر الذي يدعو لأن يكون كل مواطن خفيراً، فلا يكفي الاعتماد فقط على الأجهزة الامنية ، سواء كانت قوية أم ضعيفة.
كيف يصطاد الصهاينة عملاءهم؟
يؤكد الخبير الأمني الإسرائيلي امير أورن أن اعتماد الجيش الإسرائيلي على 70% من قواه البشرية على قوات الاحتياط، يعني أن قدرة العرب على إطالة أمد أي حرب سيؤدي الى نتائج كارثية على إسرائيل؛ من هنا كانت هناك دوماً حاجة ماسة الى معلومات اسخبارية دقيقة عن ” العدو العربي ” ويتقاسم المسؤولية عن جمع المعلومات الاستخبارية عن الدول العربية كل من جهازي ” الموساد ” و” أمان “، ولأن بعض المعلومات الحيوية لا يمكن الحصول عليها إلا عبر مصادر بشرية، فإن جميع قادة الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية، يطالبون بمضاعفة الاستثمار في مجال تجنيد المزيد من المصادر البشرية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي مختلف الدول العربية للحصول على هذه المعلومات الحيوية.
وفي سبيل تجنيد العملاء فإن شبكات التجنيد تستفيد من الحاجات المادية والإقتصادية والعاطفية للمراد تجنيده، ومن ضعف شعوره بالإنتماء الوطني، وتدني مستواه التعليمي وإنعدام الثقة بذاته. لقد كشف الامن اللبناني بعد تحقيقاته مع الشبكات انها كانت تبعث بطلبات التوظيف التي تأتيها بوصفها شركات خدمات الى العدو ليدرس هذه الطلبات وليضع خطط اصطياد الشبان المحتاجين الى العمل.
والعدو يسعى دائما الى تجنيد المواطنين العرب الذين يتوجهون للخارج سواء للدراسة أو العمل، واستغلال مشاكلهم لعرض حلولاً لها، ثم ينتهي الأمر بالسقوط في براثن الموساد. وهو، اي العدو، لايتوانى عن نشر اعلانات في الصحف أو على مواقع شبكة الإنترنت تحت إسم شركات وهمية تعرض فرص عمل لباحثين أو خبراء في مجالات محددة، وقد يكون مقر هذه الشركات الوهمي في عواصم الدول التي يتاح للموساد فيها العمل بحرية.
عوامل التحصين:
· ان اول سياج يحمي الوطن وبنيه هو سياج الوحدة الوطنية الشعبية، لذلك فكل من ينفخ في نار الفتنة المذهبية او المناطقية ومن يؤجج العصبيات الفئوية انما يقدم خدمة جليلة للعدو.
ان التربية الوطنية لا تكون فقط بتعريف النشئ الى قوانين العمل وقوانين الجمعيات بل يجب ان تكون تنشئة وطنية تحدد بدقة مخاطر العدو الصهيوني واطماعه ومخططاته الاجرامية لاسيما في مجالات الفرز والتقسيم والتفتيت.
· خلق الثقة بين اجهزة الامن والمواطنين، لتتكامل جهودهما وينكشف امر كل عميل وجاسوس.
· اقرار سياسة دفاعية وطنية تلحظ كيفية مواجهة العدوان الصهيوني العسكري كما الامني والاقتصادي والثقافي والاجتماعي.
· ابعاد الشباب عن الموبقات وما اكثرها والحد من البطالة بايجاد فرص عمل ليس في مجال الخدمات فحسب انما في مجالات الزراعة والصناعة ايضا.
ان كشف شبكات التجسس امر جيد لكن يجب عدم توفير بيئة مناسبة لها لكي تنشأ وتعمل، ومن المفيد الحذر من ان العدو ربما قد يكون قد انشأ شبكات بديلة مما يتطلب مزيداً من الوعي السياسي واليقظة الأمنية.
اترك تعليقاً