د. إبراهيم علوش
20 آذار 2017
لا يمكن فهم ما قامت به ريما خلف من كشف لـ”العنصرية الصهيونية” في “المحافل الدولية”، بمعزل عن توجهات النظام الأردني، خصوصاً بعدما خرج الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية ووزير الإعلام محمد المومني البارحة مناصراً لما قامت به رسمياً. ريما خلف بدورها لا تقوم بخطوة من هذا النوع، وهي الوزيرة في حكومة وادي عربة، ولها باعٌ في مفاوضة الصهاينة، ووزيرة التخطيط التي دشنت عهد الانتقال للخصخصة وسيطرة الشركات الأجنبية على البنية التحتية الأردنية، لو كانت تشك أن ذلك سيدفع النظام الأردني لاتخاذ موقفٍ منها، ناهيك عن فكرة تحول أحد ضباط معاهدة وادي عربة إلى قائد “حملة دولية” لمقارعة الكيان الصهيوني؟!!.
ما جرى مع ريما خلف، وإطلاق سراح الدقامسة، ورفض تسليم الأسيرة المحررة أحلام التميمي حتى الآن للإدارة الأمريكية، يدلل أن الأنظمة العربية الرجعية والمطبّعة تحاول إرسال رسالة ما، من تحت سقف “النظام الدولي”، للاحتجاج على توجهات الإدارتين الأمريكية والصهيونية لـ: 1) نقل السفارة الأمريكية للقدس، 2) تصعيد الاستيطان في الضفة الغربية، 3) تهويد القدس، 4) القفز من فوق “المطالب” الرسمية العربية فيما يسمى “العملية السلمية” بشكل يرضي اقسام واسعة من اليمين الصهيوني المتطرف على حساب النظام الرسمي العربي مما يدفعه إلى الحائط في ظل أزمة اقتصادية خانقة تثير حنق المزيد والمزيد من المواطنين.
هي مشاكسة من تحت السقف إذن، وهي لا تمس حق الكيان الصهيوني بالوجود، ولا تدعم المقاومة، ولا تؤكد على عروبة فلسطين التاريخية، ولا تثير إشكالاً مع منظومة الهيمنة الإمبريالية، بل تحاول أن تثير “ورقة” في وجه ترامب ونتنياهو هي ورقة “العنصرية الصهيونية” التي يمكن أن تحشد دعماً دولياً واسعاً من المنظومة الليبرالية المعولمة نفسها التي دخلت في حالة تناقض مع ترامب ونتنياهو، وهي، فضلاً عن ذلك، “ورقة” مآلها بالحد الأقصى دفع “إسرائيل” لتكون “أكثر ديموقراطيةً” وأقل تشدداً فيما يسمى “العملية السلمية”، أي أكثر استعداداً لمراعاة ظروف الأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية وأخذها بعين الاعتبار.
من المفهوم أن يندفع كثيرون خلف الزوبعة الإعلامية “ضد العنصرية الإسرائيلية” التي لا يمكن أن يحظى بها في التيارات الرئيسية للإعلام المهيمن إلا من يعمل من “تحت السقف”، تماماً كما تحظى حملة الـBDS الداعية لـ”إسرائيل لكافة مواطنيها” بمثل تلك التغطية، ومن المفهوم أن تبحث بعض أطراف محور المقاومة عن نقاط تقاطع، مهما كانت صغيرة، مع كل نقطة مواجهة مع العدو الصهيوني، وأن تسعى لتعزيزها وتصعيدها، أما الموقف المبدئي الراسخ إزاء تشتيت الانتباه عن الجوهر، وهو احتلال فلسطين التاريخية وتهويدها، باتجاه “محاربة العنصرية” والدفع باتجاه “تسوية تاريخية” على أرضية تحويل “إسرائيل” إلى “دولة ديموقراطية أكثر انسجاماً مع محيطها الإقليمي”، فلا يمكن أن يكون إلا الإدانة والتأكيد، في الآن عينه، على المبادئ الأساسية الواردة في الميثاق القومي والميثاق الوطني الفلسطيني غير المعدل:
1) فلسطين عربية من البحر إلى النهر،
2) استراتيجية الكفاح المسلح وحرب التحرير الشعبية هي استراتيجية تحرير فلسطين وكل وسائل المقاومة الأخرى يجب أن توظف في خدمة تلك الاستراتيجية،
3) اليهود الذين غزوا فلسطين بعد بدء المشروع الصهيوني لا يعتبرون فلسطينيين.
والخطاب المقاوِم هو ذلك الخطاب الذي ينطلق من تلك الثوابت، لا الخطاب الذي يحاول أن يخترقها بمحاولة إيجاد قواسم مشتركة مع “الإسرائيليين التقدميين” أو مع الليبراليين الإمبرياليين، أو الذي يجعل “التعايش” أو “التسوية بشروط أفضل” أساس مشروعه السياسي، أو يعوض عن عقد نقصه إزاء الخواجات الأجانب بتوسل دعمهم ضد “العنصرية” مقابل التخلي عن عروبة الأرض ومشروع تحريرها!
للمشاركة على الفيسبوك:
اترك تعليقاً