نعم لمقاطعة انتخابات الكنيست الصهيوني 2015

الصورة الرمزية لـ ramahu


د.إبراهيم علوش
البناء 11/3/2015


على كل من تعنيه القضية الفلسطينية حقاً، ويعنيه إفشال المشروع الأمريكي في المنطقة، أن يتبنى دعوة “اللجنة الشعبية لمقاطعة انتخابات الكنيست 2015” في الأرض المحتلة عام 1948، مع الإشارة إلى أن تيار مقاطعة انتخابات الكنيست بين الفلسطينيين العرب في الكيان الصهيوني هو تيار شعبي عريض، يضم قوى وشخصيات عديدة، ازداد خلال السنوات الفائتة، وقد بات من المهم التركيز على هذه النقطة خاصة أن معظم وسائل الإعلام الناطقة بالعربية تتجاهله لتروج لعملية “الأسرلة” من خلال التركيز على المشاركة العربية تصويتاً وترشيحاً في انتخابات الكنيست، أعلى هيئة في النظام الصهيوني القائم عنوةً على الأرض العربية الفلسطينية.  ولعل أبرز تعبير عن مثل هذه النزعة لدفع العرب للمشاركة بالكنيست ما نشره موقع هيئة الإذاعة البريطانية في 21 كانون الثاني 2013 عن أن “المشاركة في انتخابات الكنيست واجب شرعي”!



من ناحيتها، قالت “اللجنة الشعبية لمقاطعة انتخابات الكنيست 2015” في بيانها الصادر في 26 كانون الثاني 2015 بعد الإعلان عن الانتخابات المبكرة في الكيان الصهيوني: تقرر خوض معركة مقاطعة الانتخابات تحت عنوان: “الحملة الشعبية لمقاطعة انتخابات الكنيست الصهيوني 2015″. وعليه فقد تم تشكيل لجنة تنسيق قطرية لقيادة هذه المعركة وإيصال صوت الجماهير الرافضة لهذه المسرحية – الديمقراطية – المزيفة التي لا تخدم سوى الأغلبية الاحتلالية، المستعمرة، العنصرية والقائمة على التطهير العرقي التي نحن ضحاياها. إننا نرفض الانصهار بهذه المسرحية ومنح الشرعية “ديمقراطياً” لهذه الأغلبية “السيدة” عنوةً علينا وعلى وطننا.



حين نقول أن تيار المقاطعة يمثل تياراً شعبياً عريضاً بين الفلسطينيين في الأرض المحتلة عام 48، فإننا لا نلقي الكلام على عواهنه، إذ بلغت نسبة مقاطعتهم لانتخابات الكنيست عام 2013 حوالي 43 بالمئة.  كذلك بلغت نسبة المقاطعة عام 2009 حوالي 47 بالمئة، وبلغت عام 2006 حوالي 46 بالمئة، وبلغت عام 2003 حوالي 38 بالمئة، أي أن نسبة المقاطعة ارتفعت بشدة عما كانت عليه في التسعينيات وما قبلها.   ويلاحظ أن مشاركة العرب في انتخابات الكنيست عام 2013 زادت بضع نقاط مئوية عنها في عام 2009، دون أن يمنع ذلك كتلة اليمين واليمين المتطرف من تحقيق أغلبية تمكنها من تشكيل الحكومة!



ذلك هو الصوت الحقيقي لجماهيرنا في الأرض المحتلة عام 1948، إذ يحل يوم الثلاثاء المقبل الموافق 17 آذار 2015 موعداً لانتخاب الكنيست العشرين، فيما تتصاعد دعوات ساسة عرب ومدعي يسار يهود وجمعيات أمريكية وأوروبية لجماهيرنا العربية في الأرض المحتلة عام 1948 لتشاركَ بكثافة في الانتخابات القادمة بزعم تقليل فرص اليمين واليمين المتطرف الصهيوني بالحصول مقاعد كافية في الكنيست تمكنه من تشكيل الحكومة…



كأن مؤسسي الكيان الصهيوني كانوا من اليمين مثلاً! وكأن الفترات التي حكم فيها اليسار الصهيوني لم تشهد حروباً توسعية، أو توسيعاً للمستعمرات!!… وكأن هنالك فرقاً بين اليمين واليسار الصهيوني حقاً…




كأن كل العرب الذين نجحوا بالوصول للكنيست تمكنوا يوماً من تغيير أي قرار إستراتيجي، أو غير إستراتيجي، للكيان الصهيوني…


وكأن المشاركة بأعلى سلطة في الكيان الاستعماري الاحلالي يمكن وصفها بأي كلمة غير: ت ط ب ي ع.


كأن من يدخل الكنيست لا يقسم يمين الولاء لدولة “إسرائيل”!


الموقف المبدئي من الكنيست إذن هو المقاطعة بالضرورة، لأن لا مشروعية لأي انتخابات أو عملية سياسية في ظل احتلال…


لأن الانخراط في العملية السياسية للمحتل هو لب “الأسرلة” ودفن النضال الشعبي في مسارات آمنة للمحتل…


لأن المشاركة بالكنيست أثبتت أنها ربما تؤمن خدمات لأفراد أحياناً، لكنها لا يمكن أن تحقق برنامجاً وطنياً فلسطينياً…




لأن الكيان الصهيوني يوظف محاولة بعضنا تحقيق امتيازات لأنفسهم عبر الكنيست لإظهار نفسه بمظهر ديموقراطي أمام العالم مما ينفي صفة الاحتلال عنه، وهي الصفة الأهم في الكيان الصهيوني بالمناسبة، لا العنصرية، لأن أي شعب محتل يفترض أن يكون برنامجه هو التحرير، لا ابتذال الحصول على “حقوق مواطنة” متساوية مع المحتل.



الجانب الأكثر خطورة في الدعوة للمشاركة بالنظام السياسي الصهيوني، ومنه الكنيست، هو الدعوة الأيديولوجية للعرب للمشاركة في “إسرائيل” كدولة لكافة مواطنيها، أو كدولة “ثنائية القومية”، أي كدعوة تطبيعية مخدرة بدلاً من أفيون “أالدولة المستقلة في حدود الـ67” الذي فقد مفعوله تدريجياً منذ اتضاح فشل مشروع أوسلو.



تقوم دعوة “الدولة الواحدة” في النهاية على الاندماج في المحتل، والتخلي عن نهج المقاومة وعن الرفض الجذري لواقع الاحتلال، طمعاً بحقوق “أقلية قومية” على أرضنا.  ولعل أخطر ما في تلك الفكرة عقائدياً أنها تتخلى عن الهوية القومية والحضارية للأرض، لتمنحها صفة “ثنائية القومية”، لتجب بذلك كل المشروع الوطني الفلسطيني منذ نشأ وكل مشروع التحرر القومي، ولتمنح الوجود الاستعماري على أرض فلسطين صفة المشروعية.



سياسياً، يجيء تصعيد الدعوة والجهود لمشاركة العرب الفلسطينيين في انتخابات الكنيست هذا العام  في سياق جهود الإدارة الأمريكية لزجهم في مشروعها الإقليمي من خلال الإتيان بتحالف هرتسوغ-ليفني بديلاً لكتلة نتنياهو-ليبرمان من أجل إعادة إحياء مشروع “الشرق أوسطية” و”العملية السلمية”، وتغذية أوهام التسوية والدفع بعربة التطبيع الناعم وسمومه، أي لإعادة تقويم الاصطفاف الأمريكي-الصهيوني على خط واحد هو استراتيجية القوة الناعمة، بدلاً من التعارضات بين إدارتي أوباما ونتنياهو التي عكرت مياه “الربيع العربي” وتوجهات الإدارة الأمريكية للتركيز على روسيا والصين والدول المستقلة بدلاً من “الحرب على الإرهاب”.



باختصار، كلما خفت التناقض مع العدو الصهيوني كلما استعرت التناقضات العربية الداخلية والبينية، ونلاحظ أن السعي لتخفيف التعارضات التركية-السعودية يسير بموازاة السعي لتخفيف التعارضات بين الإدارتين الأمريكية والصهيونية، وهو ما ينبئ بصورة مشهد “ربيعي” تضيع فيه القضية الفلسطينية أكثر، ليتم التركيز على معسكر المقاومة.




للمشاركة على الفيسبوك:


Tagged in :

الصورة الرمزية لـ ramahu

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


بالمختصر

تعتبر لائحة القومي العربي كل الإرث القومي العربي إرثاً لها، وتحاول أن تبني على منجزاته وإيجابياته وأن تتعلم من أخطائه وسلبياته، وتتميز عن غيرها على هذا الصعيد أنها تتبنى كل الرموز والإنجازات القومية سواء كانت ناصرية أو بعثية أو قومية يسارية أو قومية إسلامية، ولهذا فإن مشروعها هو بناء التيار القومي الجذري الذي يستطيع أن يواجه تحديات القرن الواحد والعشرين وأن يحقق الأهداف القومية الكبرى. فهي ترفض التقوقع في الماضي أو الدخول بأثر رجعي في صراعات داحس والغبراء بين القوميين العرب التي انتشرت في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات مما أسهم بإضعاف التيار القومي في الشارع العربي..