د.إبراهيم علوش
من يقل هذا ناصري وذاك بعثي، أو هذا بعثي سوري وذاك بعثي عراقي، الخ… ليس قومياً، بل النقيض الموضوعي للحس القومي، أي قطري حتى النخاع، تعشش حدود التجزئة الاستعمارية في لاوعيه.
ومن يقل هذه جماعة عصمت سيف الدولة، وتلك جماعة ياسين الحافظ، أما أولئك فعفلقيون، وأولئك ريماويون، وأولئك تلامذة صلاح الجديد، أو الكتاب الأخضر، الخ… لا يمكن أن يكون صاحب مشروع وحدوي، بل تعشش الجاهلية، بعيداً عن مكارم الأخلاق، في تلافيف مخه العشائري الذي يخفيه تحت شماغ أو كوفية قومية.
ولن نشرف “القوميين” الذين يقولون سني وشيعي ومسيحي ومسلم حتى بالنقد…
وتتميز لائحة القومي العربي هنا بأنها، أولاً، ترى الإرث الوطني التحرري المناهض للاستعمار، والإرث القومي بكل رموزه ومفكريه وقياداته ومناضليه، مدرسةً واحدة، وبأنها تتمسك بأساتذته جميعاً، وتتعلم من إنجازاتهم وأخطائهم جميعاً، وعلى رأسها أن صراعاتهم السخيفة والعبثية في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات كانت أحد أهم عوامل أفولهم جميعاً.
وتتميز لائحة القومي العربي، ثانياً، بأنها، بناء على ما سبق، تعمل وتنطلق من القاسم المشترك الأعظم بين الناصريين والبعثيين والقوميين الإسلاميين والقوميين اليساريين، وتؤمن على هذا الأساس بمبدأ التعددية ضمن حدود الثوابت، ولا تقطع إلا مع من ينتهكون تلك الثوابت، وعلى رأسها تبرير التدخل الخارجي أو التعاون معه أو التطبيع مع العدو الصهيوني أو التساهل مع أعداء الأمة ومشاريعهم باسم “الديموقراطية” أو “حقوق الإنسان” مثلاً…
وتتميز لائحة القومي العربي، ثالثاً، بأن عيونها مثبتة على بناء رؤية للتغلب على التحديات الكبرى التي تواجه الأمة في القرن الواحد والعشرين، وبأنها ترفض حشر رأسها في مؤخرة ماضي الصراعات بين القوميين، لأن النهوض بالمهمات القومية الكبرى يتطلب التركيز على المستقبل، كما يتطلب فهم الحاضر انطلاقاً من المنهج العلمي في التحليل، لكن على أساس رؤية أصيلة متجذرة في الثقافة العربية-الإسلامية كوعاءٍ يشمل السنة والشيعة والمسلمين والمسيحيين، وكل أبناء هذه الأمة، كمواطنين متساويين في الحقوق والواجبات.
باختصار، القومي الحقيقي لا يكون إلا وحدوياً، ومن ابسط البديهيات أن الوحدوي لا يشتغل بتفكيك التيار القومي وضرب أجزائه بعضها ببعض كحكم مبتوت لا يحتاج إلى نقاش، أليس كذلك؟!..
للمشاركة على الفيسبوك:
اترك تعليقاً