بشائر النصر: الخارجية الأمريكية تتأرجح وسورية تزداد ثباتاً

الصورة الرمزية لـ ramahu



ذكرت صحيفة “القدس العربي” بأن ثمة تراجعاً في الموقف الأمريكي عن مطلب تنحي الرئيس الأسد، بناءً على تصريح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الأخير في أوسلو بأن المطلوب هو حل تفاوضي يقوم على جلوس الرئيس الأسد مع المعارضة، ووقف العنف، على أرضية اتفاق جنيف حول سورية.

لكن مثل هذا التقييم لتصريحات كيري يعاني من استناده إلى معطيات مجتزأة على مستوى التصريحات الأمريكية عامةً، كما أنه يتجاهل التصعيد الميداني على الأرض المدعوم من حلف الناتو وأذنابه، أي من الولايات المتحدة بالأساس.

فهناك أولاً تصريحات فيكتوريا نولاند، الناطقة الرسمية بلسان الخارجية الأمريكية، قبل تصريحات كيري بيوم واحد فقط، التي تؤكد فيها أن ثمة تباينا كبيراً في تفسير اتفاق جنيف بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث تعتبر الولايات المتحدة، حسب الناطقة الرسمية نولاند: “حين تقول اتفاقية جنيف إن الحل هو فترة انتقالية تحت إشراف حكومة تتشكل بالاتفاق بين الأطراف جميعا فإن ذلك لا يعني أن تلك الأطراف تضم أشخاصا من النظام أيديهم مخضبة بدم أبناء الشعب السوري”، والمقصود بهذه التهمة الباطلة طبعاً هو استثناء القيادة السورية السياسية والعسكرية والأمنية من “الحل”.

ومثل هذا التصريح التصعيدي الصادر عن نولاند من الواضح أنه يتناقض مع تصريح كيري في أوسلو حول جلوس الرئيس الأسد بنفسه إلى طاولة المفاوضات.

أما التصعيد الميداني من بابا عمرو إلى ريف حمص وريف دمشق والقنيطرة وغيرها، وتصريحات المسؤولين الفرنسيين والبريطانيين بأن بلديهما، عضوي حلف الناتو، سيسلحان المعارضة السورية إذا لم يقرر الاجتماع المقبل للاتحاد الأوروبي رفع حظر تصدير السلاح إلى سورية، فيتناقضان أيضاً مع إيحاء الولايات المتحدة بقبولها الحل التفاوضي بمشاركة الرئيس الأسد.

كل ما في الأمر أن الولايات المتحدة تدير سياساتها الخارجية بطريقة “فتح الخيارات”، القابلة للتبلور بعدة اتجاهات، حسب المعطيات المستقبلية، وليس بطريقة “إما هذا الخيار أو لا شيء”.

فالواقع هو أن الولايات المتحدة تقول الشيء ونقيضه، وتدعم الإرهاب على الأرض، فيما تترك خيار التفاوض السلمي مع القيادة السورية مفتوحاً إذا فشلت الخيارات الأخرى، على أمل أن يكون النظام السوري مرهقاً وقتها، ومستعداً لتقديم التنازلات.  وهي تدرس الموقف على الأرض أولاً بأول، ولن يكون من المستغرب أن نرى تأرجحاً أكبر في التصريحات الأمريكية إلى أن يحين الاستحقاق التفاوضي.

وتقدم تصريحات نولاند ، بهذا المعنى، مخرجاً لكيري، أمام حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين والخليجيين والإسلامويين، باعتبار الموقف الأمريكي الرسمي هو: التفاوض مع القيادة السورية لكي تتخلى عن السلطة!

أما تصريحات كيري الجديدة، فتقدم مخرجاً للولايات المتحدة إذا وجدت أن القيادة السورية صامدة ثابتة، كما هو دأبها منذ عامين، ولم يتبقَ من خيار إلا التفاوض معها وبشروطها… لأن الحديث يدور في الواقع لا عن تفاوض المعارضات السورية مع النظام، بل عن تفاوض من يقف خلف تلك المعارضات مع النظام.  أما تشدد فرنسا وبريطانيا فيتم تحت المظلة الأمريكية الأكثر مرونة، ويمنحها قوة تفاوضية في النهاية.

وفي الحالتين، فإن العبرة هي الموقف الميداني وما يجري على الأرض من تطورات.  ولنلاحظ أن التلون الأمريكي في التصريحات ينم عن عدم ثقة بالنفس، وبالحلفاء، وبشعور مبهم بأن الموقف غير مضمون مطلقاً، وبأن الولايات المتحدة عليها أن تبحث عن مخرج “مشرف” منذ الآن، دون التخلي عن محاولة زعزعة استقرار سورية بالإرهاب حتى يحين وقت التفاوض، الذي سيتقرب أكثر كلما تأكدت الولايات المتحدة بأن القيادة السورية صخرةٌ لا تزعزع. ولنلاحظ هنا أن الولايات المتحدة هي التي تتأرجح مواقفها، لا القيادة السورية، ومثل هذا التأرجح الأمريكي يحمل معه بشائر النصر السوري في الإقليم كلما صمدت سورية أكثر.

إبراهيم علوش

للمشاركة على الفيسبوك:

http://www.facebook.com/photo.php?fbid=626025297414709&set=a.306925965991312.96654.100000217333066&type=1

Tagged in :

الصورة الرمزية لـ ramahu

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


بالمختصر

تعتبر لائحة القومي العربي كل الإرث القومي العربي إرثاً لها، وتحاول أن تبني على منجزاته وإيجابياته وأن تتعلم من أخطائه وسلبياته، وتتميز عن غيرها على هذا الصعيد أنها تتبنى كل الرموز والإنجازات القومية سواء كانت ناصرية أو بعثية أو قومية يسارية أو قومية إسلامية، ولهذا فإن مشروعها هو بناء التيار القومي الجذري الذي يستطيع أن يواجه تحديات القرن الواحد والعشرين وأن يحقق الأهداف القومية الكبرى. فهي ترفض التقوقع في الماضي أو الدخول بأثر رجعي في صراعات داحس والغبراء بين القوميين العرب التي انتشرت في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات مما أسهم بإضعاف التيار القومي في الشارع العربي..