نحو حركة جديدة للنهوض القومي

الصورة الرمزية لـ ramahu

small-book

 

إسماعيل أبو البندورة

 

يأتي كتاب الدكتور إبراهيم علوش (مشروعنا – نحو حركة جديدة للنهوض القومي) في أوانه ولحظته الخاصة التي يتطلع فيها الناس إلى أجوبة دقيقة عن مسائل الحاضر والمستقبل، ويحار فيها الناس أيضاً بأسئلة الواقع العربي وانسداداته وتحدياته… وفي الكتاب تحليل وجواب وفيه رؤية صافية تعيد الأفكار إلى أصولها وترجع إلى المبادئ القومية الكبرى التي تضبط الفكر والواقع معاً.

 

إنها محاولة نقدية جديدة لإعادة بناء مرجعيات راسخة للفكر وسياقاته وفيه تحرير لبعض المفاهيم مما علق بها، وفيه إبداع لآليات جديدة في العمل القومي كما أن فيه مخاطبة حديثة للأجيال الجديدة تقوم على استثمار معطيات المعلوماتية وقدراتها على بناء عقل قومي عربي حداثي متمرد على أي تقليدانية في الفكر والممارسة.

 

الكتاب فيه سمات ثلاث وإذا استعملنا لغة الدكتور علي زيمور نقول أنه “إقلاقي”، أي أنه يثير القلق الإيجابي الحافز على التجديد والتغيير ويحرك الفكر الراكد أو المغتبط بعجزه وتقليديته وركوده وهو بهذه المثابة يدفع الرؤية والممارسة القومية إلى الأمام ويفتح أفقاً اعتقده البعض مسدوداً إلى ما لا نهاية فإذا به فضاء مفتوح لا التباس فيه ولا بلبلة أو التباس، إنه الفكر النقدي القادر على الاستبصار واشتقاق الأجوبة والحلول وهو الفكر الواقعي المستمد من نسغ الواقع وحراكه وهو إدماج للفكر اليومي في السياق العام للفكر القومي الكلي لإثرائه وضخ أفكار جديدة في سياقاته.

 

وهو كتابٌ “إسهامي” إذ أنه يسهم في حركة التجديد المطلوبة راهناً بقوة وإلحاح حيث أن كل ما طرح في الكتاب يبدو جديداً وتجديدياً من ناحية التحليل والتأويل والتناول والوصول إلى الحقائق والنتائج والاستنتاجات ولذلك فهو يمثل خطوة إلى الأمام ويضيف تراكماً مميزاً على التراكمات المؤسسة للفكر القومي ومسارات تطوره، إنه نقد وإغناء لهذا الفكر على طريق تحريره من تقليديته وفقدان بعض عناصره لراهنيتها أو مسوغاتها في المرحلة القومية الراهنة.

 

وهو كتاب “إستحثاثي” استنهاضي إذ أنه يستنهض ولا يقيم أساساته على التجريد والاستغراق في النظريات والأطروحات المتعددة، وهو بمثابته هذه يثير الهمم ويسعى لتوليد الإرادة وفولذتها وهو يعتمد على الإرادة في التغيير والتجاوز فهو يبين البدائل والطرق غير المطروقة ويدل على بوابات الاستنهاض بصدق وجرأة وبدون مواربة.

 

إنه كتاب يعيدنا إلى المبادئ الكبرى المكوِّنة والمؤسسة للمنظور القومي النضالي الحضاري الذي يقوم على أصالة الفكر والإبداع والابتكار، ولا يرتكن إلى الحتميات القومية ولا على معطيات الفكر القومي الكلاسيكي الذي تميز في بعض مراحله بالرغبية وفكر الأمنيات والفوات أحياناً.     وعمد إلى منهجٍ جديدٍ يتجاوز هذه التقليدية بالجدل والحفر والتفكيك وتحريك اليقينيات بغية تحويلها إلى أفكار “شغالة” تحفز وتدفع بحركة التاريخ والواقع إلى الأمام.

 

والكتاب لا يعود إلى المبادئ القومية الكبرى مفككاً ومتجاوزاً أو نافياً لها وإنما هو يعود إليها ناقداً ومحللاً ومستنتجاً ومدلكاً لعناصرها وإيجابياتها لكي تبقى فيها حيويتها وراهنيتها وتطابقها مع الواقع القومي في كل مراحله، وبالركون إلى هذه المبادئ الكبرى أعاد المؤلف علوش تأسيس بنية تحتية لفكر حركي يريد أن يندغم في الواقع ويؤسس له عقلانيته وحضوره ونقديته ونضاليته في آنٍ معاً وبذلك أعاد المؤلف ترتيب الأفكار القومية لكي تكون أكثر انتظاماً وتألقاً وأدق تعبيراً عن معاركها ونضالاتها الاجتماعية والسياسية وأزاح عن الرؤية القومية ما تحلق حولها من سوء فهم وغبار فبدت الأمور والإشكاليات واضحة المبادئ حاضرة والأداة متحفزة والعقل يقظ.

 

وانطلاقاً من رؤية قومية واضحة حاور المؤلف الأفكار والاتجاهات من منطلقات وادراكات عقلانية وأثار أسئلة وتساؤلات حول كل ما يجري في النطاق القومي وحتى العالمي وبين تهافت بعض الاطروحات السياسية السائدة وكشف وفضح المحاولات والأفكار المتسربة من تحت واقع تعتمل فيه كل عوامل العماء والتعمية والتدليس والتلبيس.

 

كتاب الدكتور علوش هو علامة بارزة في الدراسات القومية وهو كتاب يصلح أن يكون دليلاً ومرشداً لكل من يسعى إلى وحدة ونهضة هذه الأمة وتحريرها وحريتها.

 

 

للمزيد حول كتاب “مشروعنا: نحو حركة جديدة للنهوض القومي”، ولصورة الغلاف، الرجاء الذهاب إلى الرابط التالي:

 

http://www.freearabvoice.org/books/Mashro3na/ketabMashro3na.htm

 

Tagged in :

الصورة الرمزية لـ ramahu

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


بالمختصر

تعتبر لائحة القومي العربي كل الإرث القومي العربي إرثاً لها، وتحاول أن تبني على منجزاته وإيجابياته وأن تتعلم من أخطائه وسلبياته، وتتميز عن غيرها على هذا الصعيد أنها تتبنى كل الرموز والإنجازات القومية سواء كانت ناصرية أو بعثية أو قومية يسارية أو قومية إسلامية، ولهذا فإن مشروعها هو بناء التيار القومي الجذري الذي يستطيع أن يواجه تحديات القرن الواحد والعشرين وأن يحقق الأهداف القومية الكبرى. فهي ترفض التقوقع في الماضي أو الدخول بأثر رجعي في صراعات داحس والغبراء بين القوميين العرب التي انتشرت في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات مما أسهم بإضعاف التيار القومي في الشارع العربي..