لائحة القومي العربي
7/4/2017
على عكس الهجمات العسكرية الأمريكية السابقة على الدولة العربية السورية، جاء هجوم اليوم بعشرات صواريخ الكروز على قاعدة الشعيرات الجوية في حمص سافراً وواضحاً في استهدافه للقوة الجوية والبنية التحتية العسكرية للجيش العربي السوري، في اصطفافٍ علني مع العصابات التكفيرية المسلحة.
هذه المرة تدخلت الإمبريالية الأمريكية بنفسها، بدلاً من العدو الصهيوني، في محاولة لتعديل ميزان القوى الميداني لمصلحة الأدوات والوكلاء الذين تكسرت مجاذيفهم وتقهقهروا في عموم سورية (والعراق) مما اضطر الولايات المتحدة للانخراط مباشرة، قبل مطار الشعيرات، في شمال سورية وشرقها، تحت عنوان محاربة داعش إلى جانب القوى الانفصالية الكردية، لتثبيت مواطئ قدم لها في سورية، ولخلق تناقضات تضمن استمرار الصراع بعد القضاء على داعش.
صدق السيد الرئيس بشار الأسد عندما أصر مجدداً، في مقابلة مع صحيفة كرواتية أمس، أن كل جندي أو طائرة تدخل سورية من دون تنسيق مسبق معها يعتبر غزواً بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وقد كان موقفنا منذ الإعلان عن “تحالف دولي ضد الإرهاب”، وشروعه بالقيام بضربات جوية في سورية والعراق، أن الهدف الحقيقي ليس مواجهة الإرهاب الذي صنعته الدول المشاركة في ذلك التحالف، باعترافها، بل استهداف سورية ومحور المقاومة، وعليه أدنا تلك الضربات منذ البداية. وها قد أتت التطورات اليوم لتثبت صحة موقفنا المبدئي المنطلق من أن الإمبريالية لا يمكن أن تكون صديقاً، ومن أن الصراع معها هو الجوهر، وأن الصراع مع العدو الصهيوني والرجعية العربية، كأنظمة وكحركات ظلامية، ليس إلا وجهاً آخر للصراع معها.
ولو نظرنا لمن سارع إلى تأييد العدوان الأمريكي الجديد على سورية، لوجدنا العدو الصهيوني وحكام الرياض على رأس القائمة، إلى جانب دول حلف الناتو وشراذم “المعارضة السورية” المهللة لاستهداف “بلدها” سورية بعشرات الصواريخ الأمريكية، ولرأينا أصحاب المصلحة الحقيقية في عرقلة الحل السياسي الذي راحت تتضح آفاقه بعد سلسلة الاعترافات المتتالية في واشنطن وباريس ولندن بأن الشعب السوري وحده هو الذي يحق له أن يقرر من الذي يحكمه وكيف، ولرأينا شبكة المصالح الدولية والإقليمية المعنية بإعادة الصراع في سورية إلى المربع الأول بعدما راحت تفقد كل أوراقها، مما دفعها لفبركة فيلم الكيماوي المحروق في خان شيخون، ولتسويقه في حملة ترويج منسقة أصدرت أحكاماً بالإدانة قبل أي تحقيق جاد، بالرغم من أن الحبكة الرثة لذلك الفيلم كشف عدد من الكتاب والمحللين الغربيين والروس والعرب عن ثغرات كبرى فيها أهمها أن إلقاء مواد كيماوية، لو تم من الجو كما زعموا، كان سيغطي مساحة أوسع بكثير، ولو تم بالصواريخ، لكان لتلك الصواريخ بقايا لم نرها.
الولايات المتحدة الأمريكية التي قتلت صواريخها وضرباتها الجوية وهجماتها في الموصل واليمن وسورية في الأسابيع الأخيرة أضعاف ما قُتل في خان شيخون من المدنيين تجرؤ أن ترمي سورية بتهمة استهداف المدنيين بالكيماوي! ودول الناتو التي قتلت الملايين من شعوب الأرض، وحكام البترودولار وتركيا الذين دعموا ومولوا ورعوا أكبر حملة إرهاب تكفيري في التاريخ العالمي المعاصر، يجرؤون أن يوجهوا اصبع الاتهام لسورية التي ما برحت تتصرف كدولة لكل السوريين، حتى من ضل منهم! العدو الصهيوني، مدمن الإجرام اليومي، بات الراعي الرسمي للدفاع عن “حقوق الإنسان” في سورية! والعصابات التكفيرية المسلحة التي أثبتت تقارير دولية أنها استخدمت السلاح الكيماوي تكراراً في سورية، تجرؤ على اتهام الدولة السورية باستخدامها، ولا نجد من يتساءل، مجرد تساؤل، إن كانت من يقف خلف الكيماوي في خان شيخون! إنه زمن المفاهيم المقلوبة وسطوة وسائل الإعلام والهندسة الاستخبارية والبترودولارية للرأي العام…
من لم يتعلم شيئاً من حجج “أسلحة الدمار الشامل” في العراق، ومن حجج التدخل بذرائع إنسانية في يوغوسلافيا وليبيا وغيرها، لن يقنعه أي شيء نقوله بصدد خان شيخون. يكفينا أن نقول، بعد مرور أكثر من ست سنوات من عمر الأزمة السورية أن خطوط المعركة باتت واضحة جداً ولا يستطيع أن ينكرها إلا متآمر أو مكابر أخذته العزة بالإثم:
إما مع الجيش العربي السوري، أو مع الكيان الصهيوني!
إما مع السيد الرئيس بشار الأسد، أو مع حكام البترودولار!
إما مع سورية العروبة، أو مع الإمبريالية الأمريكية وأدواتها!
إما مع الإرهاب التكفيري، أو مع آخر قلعة للقومية العربية!
وإن كان كل ما نملكه هو أن نعلن موقفاً، فإننا نفتخر بأننا نقف، من دون أي مواربة، مع الجيش العربي السوري، ومع سورية شعباً ودولة ورئيساً، في مواجهة قوى الظلام والرجعية والهيمنة الإمبريالية والصهيونية… ونعرف أن الشعب العربي، مهما استشرت في عقله وقلبه آفات الطائفية والتضليل وشراء الذمم، لا يمكن إلا أن يكون مع سورية في مواجهة العدوان الأمريكي، ونعرف أن صمود سورية ساعةً أخرى، هو الذي يؤذن بمجئ الفجر العربي لا محالة.
لا للعدوان الأمريكي-الصهيوني-الرجعي العربي على سورية!
نعم لوحدة الشعب العربي في مواجهة العدوان في اليمن والعراق وسورية وليبيا وكل بقعة في وطننا العربي!
رحم الله شهداء مطار الشعيرات، وكل شهداء الجيش العربي السوري والقوى الحليفة والرديفة!
إن شعباً يملك مثل هذه القدرة على الصمود، لا يمكن إلا أن ينتصر..
للمشاركة على فيسبوك:
https://www.facebook.com/Qawmi
اترك تعليقاً