تمر علينا هذه الأيام ذكرى اتفاقية سايكس-بيكو المشؤومة (أيار 1916) التي قسمت الجناح الآسيوي للأمة العربية إلى دويلات، حيث كان الجناح الأفريقي للأمة العربية يقبع وقتها تحت احتلالات أوروبية مختلفة كرست تقسيمه أيضاً، وحرصت على عدم وحدته تحت الاحتلال من المغرب العربي إلى وادي النيل. ولا بد أن نذكر، بهذه المناسبة، أن الهدف الأول للاستعمار كان ويبقى تفكيك الهوية القومية العربية، لا تفكيك الأرض العربية فحسب. وإذا كان بعض الإسلامويين يزعمون أن سايكس-بيكو كان يستهدف تركيا، فإن تركيا الطورانية لم تٌقسم، بل أعطاها الاستعمار أراضٍ عربية وكردية وأرمنية ويونانية، كان آخرها لواء الاسكندرون الذي منحه الفرنسيون للأتراك في العام 1939، وفيه مدينة إنطاكية، المدينة العربية التاريخية، فما تم تقسيمه وسلب أراضيه وتوزيعه كغنائم هو الوطن العربي. ولم يكن اتفاق الإنكليزي سايكس والفرنسي بيكو مجرد تمرين في رسم الخرائط واختراع الدول، بل أطلق اتفاقهما مفاعيل آلية التفكيك في الوطن العربي، وصولاً إلى مشروع تفكيك الأقطار التي اخترعاها، كما نرى في العقود الأخيرة، من خلال شعارات “الحرية” و”الديموقراطية” و”حقوق الأقليات” و”مظلومية الطوائف” وإلى ما هنالك، بهدف تدمير الدول العربية المركزية خصوصاً، لإفساح المجال لتحديث اتفاق سايكس-بيكو وتجاوزه باتجاه المزيد من التفكيك والشرذمة مما يهدف لشطب الهوية القومية العربية نهائياً وللأبد ولقيام إمبراطورية صهيونية في بلادنا تسيطر على الأسواق والثروات والسياسة والثقافة والإنسان، ولو لم تسيطر مباشرة على الأرض.
في الذكرى المئوية للتفكيك الأول، نؤكد أن منطلق مواجهة مشروع التفكيك الثاني الذي نعيشه اليوم كان ويبقى التأكيد على وحدة الهوية القومية من المحيط إلى الخليج.
في الذكرى المئوية للتفكيك الأول، نؤكد أن المشروع القومي الوحدوي كان ويبقى المشروع الوحيد القادر على الحفاظ على الوحدة القومية في وجه سايكس-بيكو، وفي وجه المشاريع التي تستهدف الوحدة الوطنية الداخلية في اقطار سايكس-بيكو نفسها اليوم.
في الذكرى المئوية للتفكيك الأول، نؤكد أن تراجع المد القومي التحرري هو الذي أفسح المجال لتقدم المد التكفيري الظلامي، وللاختراقات الليبرالية المتغربة، ونؤكد أن كل ما يجري في واقعنا العربي المعاصر يثبت راهنية المشروع القومي، وأن لا مشروع غيره، وأن التخلي عنه هو دوماً بداية الطريق نحو الهاوية.
في الذكرى المئوية للتفكيك الأول، نعلن بأعلى صوتنا، في وجه كل التراجعات والنكسات، أن الخط القومي العربي الجذري، الذي يؤقلم الفكر القومي لتحديات القرن الواحد والعشرين، هو مشروعنا ونهجنا وطريقنا الذي لا ولن نتخلى عنه، والذي سنعمل من أجله مهما اشتد الجزر وتمادى الجهل وتعالى نعيق غربان الطائفية ونزعات الانفصال.
نحن اقسمنا وغلظنا القسم…. قوميون جذريون عروبيون
لائحة القومي العربي
للمشاركة على الفيسبوك:
اترك تعليقاً