تهيء الأحداث المتلاحقة سواء بوجودها او بتراتبيتها بيئة خصبة للعنة الواقع، افهم تماما ان متابعة الأخبار لمدة لا تزيد عن عشرة دقائق كفيلة بالاكتئاب، لست من دعاة السخط على كل شيء تارة و التطهر تارة أخرى و انما اعي ان الوضع القائم قاتم السواد الذي يسيطر احيانا علينا لدرجة يصعب معها ملاحظة مناطق النور في هذا النفق المظلم.
نقطة النور كما اراها- او احب ان اراها- بعد عشرين عاما مرت على اتفاقية وادي عربة الخيانية بين الأردن و الكيان الصهيوني هي ان هذه السنوات العشرون لم تكن كافية لقبول الشعب الاردني بهذه الاتفاقية.
مع ان الحكومات المتعاقبة لم تدخر جهدا في تلميعها و تسويقها و تقديمها كحل أمثل للوضع القائم و نموذج يحفظ “المصالح الاستراتيجية” و انها تحقق “التوازن الاقليمي” و ان هذه الاتفاقية بداية للتنمية الشاملة التي سينتج عنها ان “تمطر السماء ذهبا و فضة!” بعد توقيعها و ان الاردن سيغدو بلدا مصنعا و منتجا و ان المساعدات التي سيحصل عليها الاردن مكافئةً له على توقيع الاتفاقية ستحول المواطن الاردني الى مواطن سويدي.
لم تفلح عمليات التخريب الممنهج و التجهيل المنظم للوعي الجمعي الاردني سواء كانت بتغيير المناهج المدرسية او بأقلام المطبلين او بمجموعة من الاتفاقيات التي تربط الاردن و امنه و سيادته بالكيان الصهيوني، لم تفلح في تغيير الوعي الجمعي للاردنيين تجاه هذه الاتفاقية.
قد يكون الكيان الصهيوني “قايم بالواجب” بوجوده ابتداءً و بغطرسته و اعتدائاته المستمرة على فلسطين و اهلها و مقدساتها سببا و قد تكون سرقاته المستمرة لمياه نهر الاردن سببا او قد يكون محاولاته الدائمة لاحتلال غور الاردن سببا قد يكون اغتياله للشهيد القاضي رائد زعيتر سببا يجبرنا على عدم قبول الاتفاقية.
اعرف ايضا ان جذرية الشعب الاردني لم تعد كما كانت منذ عشرين عاما، و اعرف ايضا ان وكر التجسس الصهيوني ما زال قابعا في الرابية و اعرف ان كل ما يحصل بالمنطقة استطاع ان يحرف البوصلة عن قضية العرب المركزية و لكن…..
اعرف ان الحكومة التي غيرت قوانين الدولة و فصلت قانون الصوت الواحد تفصيلا للحفاظ على الاتفاقية لم تنجح في اجبار الاردنيين على الرضوخ لصهينة الاردن.
اعرف انه يوجد بيننا مناضلون حقيقيون لم و لن تضل بوصلتهم . يقفون بوجه المشروع الصهيوني يقفون بعمان دفاعا عن عمان و عن القدس، يقفون بلا هوادة ضد التطبيع الالزامي.
اعرف ان الكيان الصهيوني الذي يغني طلبته كل يوم في مدارسهم نشيدهم الوطني مرددين “غرب النهر لنا و شرق النهر لنا ” يعلم بأنه لم ينجح في تدمير الوعي الجمعي الاردني لقبول “اسرائيل” كجارة ودودة تعترف بها الاردن و شعبها.
اعرف ايضا ان هذه العشرين عاما فشلت في جعل غير الطبيعي طبيعيا
اعرف ايضا ان ارض الحشد و الرباط لن تسقط في هذا الفخ الصهيوني و أنها ستنهض حتى لو من بعد أمد.
اعرف ان الشعب قالها مرارا “لو انتو وقعتوا احنا مش رح نوقع”
عزيزتي الحكومة لقد فشلت فنحن اكبر من جبنك نحن اكبر من تخاريفك نحن نعرف ان ما أخذ بالقوة لن يسترد الا بالقوة و احذري ان تزاودي علينا بالوطنية و “وضع البلد” فنحن نعرف تماما ان مصلحة البلد لم و لن تكون ابدا في حلف الصهاينة.
نحن نعرف انه لو حاولت كمان مليون سنة ستفشلي ايضا بأقناعنا ان الكيان الصهيوني جار ، نحن نعرف انه عدو كما نعرف بعروبة الاردن و عروبة فلسطين.
يعرف من يقف بوجه مشروع صهينة الاردن واجبهم و اثبتت ارادتهم خلال العشرون عاما الماضية انهم نجحوا في ابقاء حالة العداء قائمة، نجح هؤلاء المقاومون بتثبيت البوصلة، نجحت هذه الهمم العالية بالدفاع عن هذه الارض، هزمت عقيدة المقاومة عقيدة الخيانة، قد يحتاج الامر الى عشرين سنة اخرى لتطهير الاردن نهائيا من الدنس الصهيوني و قد يحتاج الى مئتي سنة مهما احتاج من وقت ستنتصر عقيدة النصر على عقيدة الهزيمة، سيبقى هؤلاء المناضلون سيبقون رغم فتنتك.
هي نقطة نور في نفق مظلم ، بيدنا مفاتيح اضاءته لا بيدكي مفاتيح هدمه
الأردن عربي حر مستقل ذو سيادة (غصبا عنك)
حي على الحياة
27/10/2014
للمشاركة على الفيسبوك:
اترك تعليقاً