بشار شخاترة
خاص – لائحة القومي العربي
25/7/2014
من باب النصح والانتماء لمعسكر المقاومة، وحتى لا يخرج علينا من يتهم اننا نزاود على المقاومين، فإنني اضع اجتهادا بالرأي عله يخدم القصد ويعزز من فعالية العمل المقاوم ويديم تصاعده ويشاغل العدو ضمن رؤية شاملة للصراع تكون غزة إحدى حلقاته.
كانت قوى التحرر تبتكر دائماً طرقا ووسائل تعظم من إمكاناتها العسكرية في مواجهة قوى استعمارية مدججة تمتلك قوة هائلة. وحتى لا نذهب بعيدا، لدينا تجربة غنية في إدارة الصراع هي تجربة حزب الله. هذه التجربة تكامل فيها الجهد العسكري الميداني مع الجهد الإعلامي والسياسي، واستطاع الحزب ان يراكم ويستفيد من نقاط القوة التي يمتلكها، وان يحيد القوة الصهيونية العمياء قدر الإمكان، ونقطة التحول كانت في عدوان نيسان عام 1996 وما سمي “عناقيد الغضب ” حينها.
استطاعت المقاومة ان تحقق نصرا سياسيا وان تثبّت شروطا كان لها ما بعدها من نتائج صبت في مشروع التحرير واستمرار العمل المقاوم. من اهم تلك الشروط انها انتزعت اعترافا سياسيا دوليا وإقليمياً وصهيونياً بمشروعية المقاومة مما خفف عنها سياسيا وإعلاميا وسهل عليها تقديم نفسها كطرف ذي قضية مشروعة. يضاف الى تلك الشروط تحييد المدنيين اللبنانيين من ميدان المعركة، لان المقاومة كانت معنية بضرب تشكيلات العدو العسكرية وخطوط امداده ومراكز الرصد. نعم كان على حزب الله ان يتفادى قصف المستوطنات، ولكن كان هذا لحساب تغيير قواعد الاشتباك، وأيضا لحماية المدنيين اللبنانيين، الحاضنة الشعبية للحزب التي كانت الخاصرة الرخوة التي يحاول أن يطالها العدو الصهيوني وأن يلقي حممه عليها مما يسبب ضغطا مضاعفا على المقاومة بما يشتت الجهد الذي يجب ان ينصب على المعركة واستمرار العمليات بما لا يترك فرصة للعدو للاسترخاء وصولاً لضرب روحه المعنوية و”المجتمع الصهيوني” الذي فقد اعصابه وعاش حالة هستيرية قربّت النصر.
هذه المعادلة خدمت المقاومة ما يقرب العشر سنوات حتى عدوان تموز عندما شن العدو حربا مدمرة على الضاحية الجنوبية لبيروت… لكن المقاومة اعادت استخدام الورقة، ببراعة أكبر هذه المرة، عندما كشفت عن جانب من قدراتها الصاروخية التي طالت حيفا والتلويح الشهير للسيد حسن نصرالله بقصف ما بعد حيفا، في ايحاء يكتنفه الكثير من الغموض والكثير من الحنكة العسكرية أظهرت للعدو جانبا من القدرة واخفت الباقي بما يشي بصورة مرعبة لم يكن اقلها الإشارة التي التقطها العدو بقصف طال ميناء حيفا واطراف المجمع الصناعي الكيماوي كان ثمنها ان تراجع العدو عن توسيع رقعة استهداف بيروت وبعض المدن التي تحسب انها قواعد خلفية للحزب… وما كان ذلك الا استدراجا من المقاومة للعدو للعودة الى قواعد الاشتباك التي انتجتها حرب نيسان 96 والعودة الى الأرض والى الميدان الذي خطط له الحزب جيدا. كانت تلك الثمرة اللذيذة التي لم يدرك العدو معها حجم الكارثة التي استدرج إليها جريا وراء تحقيق النصر على الأرض وظنا منه ان المقاومة انهكت بفعل القصف وانه دمر عصبها فاذا به يغرق في متاهة كبدته خسائر فادحة كان يخرج منها الى كمين اكبر مما افقده توازنه وفرض المقاومة كقوة يحسب حسابها.
بالعودة الى المشهد الراهن المشهد الغزيّ ،هذا المشهد الذي يسطر البطولات الاستثنائية عسكريا، واكثر منه المجتمع الصامد الذي يواجه القذائف المبصرة والعمياء بدمه ولحمه… وكان الكرم الغزيّ بلا حدود وفي كل عدوان يعطي بلا حساب، فلا اقل من ان تبادله المقاومة كرما بكرم وان تجترح الحلول لتحييد الناس قدر المستطاع وبحدود الممكن، وامامنا تجربة حزب الله، لكن قبل كل ذلك يجب ان تحقق المقاومة بعض الشروط التي تلزم النصر ولا اقل منها، فوحدة الهدف أولا وليس وحدة الصف فقط، وهذا يترتب عليه إعادة توجيه البوصلة وإنجاز مشروع وطني للتحرير لا مشروع وطني للتحريك. في هذه النقطة هناك تباين بين قوى المقاومة، ويليه إعادة الاعتبار لمفهوم الردع الذي يكاد يضيع في المعمعة وتبعثر الجهد واحيانا التسابق لتحقيق سبق ما، والردع عنوان كبير يتحقق بوسائل كثيرة لا مجال لشرحها هنا ولكن أهمية تحقيق الردع الهدف الأول منها حماية الحاضنة الشعبية للمقاومة واقلها الا تكون الهدف الاسهل للعدو يعاقب المقاومة من خلالها، ويترتب عليها تغيير قواعد الاشتباك على الأرض، وإرساء قواعد جديدة تحاكي أسلوب حزب الله وقد ظهرت قدرات للمقاومة في الأيام الأخيرة فاجأت العالم واذهلت العدو يمكن ان تؤسس لحرب طويلة من نوع آخر يفوق في أهميته قصف المدن المحتلة وان كنا لا نقلل من أهميتها ولكن فلتكن الرادع الذي تلوح به المقاومة مع ضرورة ان تعمل على زيادة قدراتها وزيادة فاعليتها.
ان تغيير قواعد الاشتباك على أساس ضرب القوة العسكرية للعدو والتسلل خلف خطوطه واستهداف جنوده بالعبوات والقنص واستهداف آلياته، هذا يضمن استمرار المقاومة بحيث لا تكون موسمية ولا توفر فرصة للعدو للعربدة وقتل الناس بلا ثمن، وقد اثبتت المعارك البرية والالتحام مع العدو فاعلية عالية وكانت خسائره اضعاف اثر الصواريخ على المدن الفلسطينية المحتلة مع ضرورة التأكيد على ان تكون المقاومة على جهوزية عالية في هذا المجال لان العدو لا يتورع ان يلجأ الى الهدف المدني السهل واستخدام تلك الورقة في سياق استراتيجية للردع، فالحنكة تقتضي جر العدو الى الميدان الذي تكون فيه المقاومة لها اليد العليا فيه.
الهدف الأهم هو تقرير وقائع على الأرض تضمن استمرار المقاومة وتقلل الكلفة البشرية على المدنيين، هذا الهدف يتقدم على الحديث عن المعابر وفتح المطار لما لذلك من بعد استراتيجي مقاوم أكبر من المكسب السياسي الآني القابل للتوظيف في صراع المحاور الإقليمية.
بقي من الشروط الواجب على المقاومة تحقيقها إعادة رسم العلاقة مع محور المقاومة على أسس راسخة على قاعدة تحرير فلسطين، ورسم العلاقة مع مصر أيضا لا لشيء الا استجابة للجغرافيا السياسية على الأقل.
للمشاركة على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/419327771412740/photos/a.419967428015441.105198.419327771412740/844406242238222/?type=1
اترك تعليقاً