لائحة القومي العربي في سياقها التاريخي

الصورة الرمزية لـ ramahu



عبد الناصر بدروشي/ تونس

بالرغم من الكثير من الإنجازات الكبرى على مدى أكثر من نصف قرن من الزمن لم نفلح نحن القوميين العرب بمختلف مشاربنا سواء في الأقطار التي وصلنا فيها لاستلام السلطة (كمصر والعراق وليبيا والجزائر وسورية..) أو في بقية الأقطار التي تواجدنا فيها كتنظيمات وأحزاب (ناصرية بعث عراقي بعث سوري لجان ثورية جبهة تحرير ماركسيين عروبيين..) لم نفلح في تحقيق أيٍ من الأهداف الكبرى التي انطلق المشروع القومي العربي من أجلها وهي تحقيق الوحدة والتحرير والنهضة، بل ازددنا كأمة تقسيما واحتلالا وتخلفا.



ومن البديهي أن فشل القوى القومية في تحقيق تلك الأهداف لا يجعل المهمات التي تصدت لها مهمات يجب التخلي عنها، بل يذكرنا الواقع العربي كل يوم بأنها لا تزال مهمات ملحة وضرورية.  لذا وجب علينا أن نعيد قراءة واقعنا وأن نضع حلولا لمشكلات عصرنا برؤى تتناسب مع القرن الحادي والعشرين انطلاقا من جذورنا ورصيد تجاربنا السابقة بحلوها ومرها وحسناتها وسيئاتها.



لا يخفى علينا أن الساحة العربية تشهد اليوم تراجعا ملحوظا في الفكر القومي ووهَنًا يعتَري حركة النضال القومي وتشظياً لا مثيل له في الحركات السياسية القومية من المحيط إلي الخليج، فبعد الكبوات التي ألمّت بالمشروع القومي منذ هزيمة الانفصال وهزيمة 67 ونكبة “مخيّم داود” مني هذا المشروع بنكبة أخرى في عام 2003 تمثّلت في احتلال أحد أكبر البلدان العربية وهو العراق فبالإضافة لتدمير العراق واحتلاله وإخراجه من دائرة المواجهة مع العدوّ الصهيوني فإنّ ما يعبر عن مشهد انحدار المشروع القومي العربي هو تحوّل الثورة الفلسطينية بعد أوسلو إلي بيروقراطية تسعى إلي إدارة بلديات مفككة تحت الاحتلال وتراجع التيارات السياسية العربية من أحزاب وتجمعات وهيئات ومنتديات وغياب الفكر القومي عن مناهج التعليم. ورغم قتامة هذا المشهد فإننا نعتقد أن الهزائم والنكبات والانكسارات العربية فكريا وعسكريا وسياسيا يجب ألاّ تكون مثبطا للقومين العرب بل محفّزا لهم ليتقدّموا إلى السّاحة ويملؤوا الفراغ السياسي الذي يتنازعه أعداء الأمة.



ولا ينفي ذلك أبداً منجزات وأهمية المد القومي العربي في مرحلة صعوده في الخمسينيات والستينيات، ولا يمس قناعتنا بأن لا برنامج حقيقي لنهوض أمتنا العربية إلا البرنامج القومي كما نفصل لاحقاً، غير أن ذلك لا يخفي حقيقة تعثر المشروع القومي لعدة أسباب بعضها خارجي وبعضها يتعلق بتشظي التيار القومي نفسه وبفقدانه للبوصلة والتنظيم وهو بالضبط ما تسعى فكرة لائحة القومي العربي للتصدي له.  ومن الملفت للنظر أن في الساحة العربية برمتها لا توجد أي مجموعة منظمة تسعى لتحقيق أهداف المشروع القومي العربي الكبير، بدلاً من العيش على أمجاد الماضي، ومن هنا تأتي فكرة لائحة القومي العربي التي تقدم رؤية وتصوراً لمشروع النهوض العربي…





للمشاركة على الفيسبوك:


https://www.facebook.com/photo.php?fbid=719728344706013&set=a.419967428015441.105198.419327771412740&type=1&relevant_count=1

Tagged in :

الصورة الرمزية لـ ramahu

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


بالمختصر

تعتبر لائحة القومي العربي كل الإرث القومي العربي إرثاً لها، وتحاول أن تبني على منجزاته وإيجابياته وأن تتعلم من أخطائه وسلبياته، وتتميز عن غيرها على هذا الصعيد أنها تتبنى كل الرموز والإنجازات القومية سواء كانت ناصرية أو بعثية أو قومية يسارية أو قومية إسلامية، ولهذا فإن مشروعها هو بناء التيار القومي الجذري الذي يستطيع أن يواجه تحديات القرن الواحد والعشرين وأن يحقق الأهداف القومية الكبرى. فهي ترفض التقوقع في الماضي أو الدخول بأثر رجعي في صراعات داحس والغبراء بين القوميين العرب التي انتشرت في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات مما أسهم بإضعاف التيار القومي في الشارع العربي..