تبني انفصال الصحراء دولياً هو مقدمة إثارة فتنة عربية-أمازيغية لتفكيك الجزائر
إبراهيم حرشاوي
خاص – لائحة القومي العربي
6/11/2013
يتابع كل عربي غيور بقلق كبير التطورات الاخيرة في إقليم المغرب العربي حول ملف “الصحراء الغربية” وما أدى اليه التعاطي في هذا الملف من توتر بين الشقيقتين الكبيرتين المغرب والجزائر، وخاصة الأحداث الأخيرة التي تلت كلمة الجزائر في ملتقى لدعم ما يسمى “القضية الصحراوية” والتي دعت إلى توسيع صلاحيات المينورسو (بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية) لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في “الصحراء الغربية” الشيء الذي أدى الى استدعاء المغرب لسفيرها في الجزائر وقيام مجموعة من المخربين بالتهجم على مقر القنصلية الجزائرية في المغرب وحرق العلم الجزائري في حركة استفزازية تهدف الى تأجيج الفتنة بين الشعب العربي المسلم الواحد في كل من المغرب والجزائر.
حدث كل هذا في وقت كان الشعب الجزائري يحتفل فيه بذكرى ثورة المليون ونصف المليون شهيد التي نعتبرها مثالاً للثورات التي صوبت البنادق نحو المستعمر ووحدت الشعب العربي من المحيط إلى الخليج.
في ظل مثل هذه التوترات علينا أن نؤكد من وجهة نظر قومية عروبية على ضرورة توحيد الصفوف في مواجهة العدو الخارجي، ونهيب بالجزائر الكبيرة بتاريخها العروبي المقاوم للاحتلال أن لا تصطف مع أعداء الأمة في مشاريعهم التفكيكية والتي لن تتوقف عند المغرب. بالتالي تصبح ضرورة الدفاع عن وحدة الأراضي المغربية واجبا قوميا عربيا بغض النظر عن بوصلة أو طبيعة الدولة المغربية، فالدفاع عن الوطن وعن وحدة المغرب أمرٌ يختلف عن الدفاع عن النظام.
أما دعم حركة البوليزاريو الإنفصالية بذريعة التحرر من احتلال أجنبي فهو انتهاك للثوابت القومية العربية بالاضافة للخطورة التي يشكلها على وحدة التراب الجزائري و بقية الأقطار في المغرب العربي. فالاحتلال تعريفه قيام الأجنبي بالسيطرة على الأرض، والمغرب في الصحراء ليس أجنبيا، ولا الصحراء تقع في موزامبيق أو تايلند مثلاً، بل هي قطعة تاريخية من أرضه كما كانت كذلك موريتانيا (المغرب لم يعترف باستقلال موريتانيا حتى سنة 1969) قبل الاستعمار الفرنسي.
فمن المنظور الجيو-السياسي، يشكل المد الأقلوي الذي يدعمه الغرب بشكل مباشرتحت ذريعة “حقوق الإنسان” و” حق تقرير المصير” تهديدا لخريطة المغرب العربي و بالأخص للقُطر الجزائري. ويرجع ذلك إلى بروز حركات عسكرية بطابع اصولي-اسلامي و انفصالي-عرقي في كل من ليبيا ومالي بعد العدوان العسكري لحلف الناتو تحت قيادة فرنسا. و الخطر الذي يشكله هؤلاء لا يكمن فقط بارتباطهم الأمني و السياسي مع الغرب بل ايضا بامتدادهم الديموغرافي في عمق المغرب العربي. فالحركة القومية للطوارق في مالي التي تسعى لإنشاء دولة “أزواد” المتاخمة للحدود الجزائرية جنوبا، هي جزءٌ من الحركة القومية الأمازيغية المرتبطة بمشروع “الشرق الاوسط الكبير”. و هؤلاء تجمعهم مظلة سياسية واحدة تعرف باسم “الكونغرس العالمي الأمازيغي” . ولذا أخطأت الجزائر بعدم دخولها في معركة ليبيا ضد حلف الناتو في سنة 2011 بكل ثقلها السياسي والعسكري لإفشال مخطط تطويقها بحزام أقلوي وأصولي يهددها مع بقية دول المغرب العربي. فالتمهيد لانفصال الصحراء عن المغرب هو مقدمة لتبني تفكيك الجزائر عبر إثارة فتنة عربية-أمازيغية.
من المهم أن نسلط الأضواء على دور الإمبريالية الأمريكية الساعية الى تفكيك المغرب الأقصى والتي اقترحت في شهر ابريل المنصرم فكرة توسيع صلاحيات القوات الدولية “المينرسو” في الصحراء الغربية لكي تشمل رصد ما يسمى بانتهاكات حقوق الانسان. وقد اعتبر المغرب الاقتراح الامريكي اختراقا صارخا للسيادة الوطنية ورد على الادارة الامريكية بالغاء التدريب السنوي المشترك بين الدولتين. و في هذا السياق أفادت جريدة “لكم” الإلكترونية خبراً يتعلق بتقديم الخارجية الأمريكية تقريرا حقوقيا يتميز بنبرته الحادة ضد المغرب للكونغرس الأمريكي كما أفادت نفس الجريدة بخبر تأسيس لجنة لدعم البوليساريو من طرف نواب من الحزب الجمهوري والديمقراطي. ولهذا يصبح موقف المغرب الرسمي المتمسك بوحدة كيانه موقفا صحيحا يجب تعزيزه ودعمه رغم استنكارنا الشديد لكل مواقفه الاخرى المتناغمة مع الطرف الصهيو-الامريكي. والجدير بالذكر هنا هي قضية إحتلال إسبانيا لسبتة و مليلية والجزر الجعفرية وعدم ربط هذه القضية بالصحراء الغربية في الخطاب المغربي الرسمي حول الوحدة الترابية. و يرجع ذلك طبعا إلى الردع العسكري الذي تشكله إسبانيا الأطلسية في وجه المغرب وإلى النهج الذي سلكه المغرب منذ إستقلاله سنة 1956 والذي يعتمد على التحرير التدريجي. و يفرض هنا السؤال الآتي نفسه: هل سيصعد المغرب خطابه من خلال إثارة قضية سبتة و مليلية والجزر الجعفرية بعد المواقف السلبية لحلفائه في الغرب إزاء مغربية الصحراء الغربية؟!
على كل حال يثبت الموقف الأمريكي مجددا بأن الادارة الامريكية لا تتعامل مع الأنظمة العربية بمنطق المصالح المشتركة بل بمنطق القوة وبأجندة صهيونية ترمي الى تفكيك الاقطار العربية المركزية سواء كانت هذه الاقطار تابعة أو غير تابعة للهيمنة الغربية. وبناء على ما سبق، يبقى مشروع وحدة المغرب العربي في إطاره القومي العربي كما رسمه البطل المجاهد عبد الكريم الخطابي الحل الوحيد لتجميد التناقضات الجهوية والقطرية في منطقة المغرب العربي. ومن الضروري و البديهي ان يكون هذا المشروع الوحدوي مبنيا على ركائز صلبة مناهضة للامبريالية الامريكية والنفود الاستعماري الفرنسي. فالمعطيات الاجتماعية و السياسية والاقتصادية الحالية لا تشير الا الى المزيد من التبعية والتفكك الاجتماعي والسياسي في منطقة المغرب العربي وبالأخص بعد “الربيع” الناتوي الذي زلزل المنطقة العربية برمتها. وبالتالي تستلزمنا هذه المرحلة الصعبة أن لا ننزلق في أي فخ غربي مراده إشعال فتيل الحرب الأهلية بين شعبنا وبالتالي على الجهات الرسمية و الشعبية في المغرب والجزائر أن تتحمل مسؤوليتها في تعزيز الروابط المشتركة وتجنب الفتنة الاهلية و التفكك الاجتماعي والانهيار السياسي.
للمشاركة على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=702066683138846&set=a.419967428015441.105198.419327771412740&type=1
اترك تعليقاً