لن أخون عروبتي

الصورة الرمزية لـ ramahu

بشار شخاترة

انتهت للتو الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة المصرية ولم تعرف النتائج بعد، ما يهمني أن نتيجة (الربيع العربي ) في مصر راسبة بصرف النظر عمن سيفوز في السباق.
سبقت تونس وبنتيجة مشابهة لتلك التي في مصر، إخوان أو عسكر متأمركين أو حتى سلفيين لا فرق جميعهم ينتمون إلى تحالف تاريخي واجه القوى القومية العربية والشيوعية العالمية إبان الحرب الباردة،ثم عاد من جديد بعد عقدين من الشد بينهما ومواجهة دموية في بعض المواضع، لكن كان القاسم بينهما غياب العدو المشترك، معادلة شبيهة بالتحالف الذي واجه ألمانيا النازية في الحرب الثانية جمع الرأسمالية والشيوعية تلاه حرب باردة بينهما انتهت بالتفرد الأمريكي.
المقاربة بين التحالفين هنا مع الفارق لان الاتحاد السوفييتي كان يتحالف مع الامبريالية في معركة فرضت عليه ومن منطلق قوة وندية للأمريكان بعكس الحالة الذيلية لقوى الإسلام السياسي التي خاضت المعركة مع المعسكر الرأسمالي والأنظمة الرجعية العربية
في مواجهة المشروع القومي العربي.
في ظل النتائج المأساوية ( للربيع العربي) في ليبيا ونتائجه في مصر وتونس، لا يسعنا القول إلا أن المسرحية الكبرى التي تم استغلال الجماهير العربية فيها قد أسدل الستار عن فصلها الأخير في سوريا وظهر المخرج  الصهيو أمريكي على خشبة المسرح بشكل سافر ومازال مطبلو الثورات يمارسون عهرا إعلاميا للدفاع عن عصابات الناتو الملتحية بوقاحة لا نظير لها.
أمام المشهد هذا تقف لنقرر أين يجب أن نكون في هذه المواجهة؟
الحقيقة المنطقية التاريخية لا أكون حيثما يكون الأمريكان والصهاينة،  وهذا منطق الصراع التاريخي الذي تخوضه القوى التقدمية في العالم في صراعها مع الامبريالية العالمية، لنقف أمام عقدة الصراع الكبيرة في سوريا ونقف مع سوريا في معركتها بالنيابة عن الأمة العربية، من منطق العروبة والمصلحة القومية.
لم تكن المسألة محاباة للنظام في سوريا أو نكاية بالإخوان المسلمين وإنما منطق وقراءة واعية للصراع الدائر ولمشروع الهيمنة الجديد الذي دخل من باب الحرية وحقوق الإنسان لابسا ثوبا دينيا ولسان حالهم خلوا بيننا وبين ديننا لتستفز قضية الدين في وجدان العرب كون غالبيتهم تدين بالإسلام.
وعلى أوتار ( الثورة ) يعزف الموتورون الحان الحماسة، حين يتقاطع الهدف الأمريكي الصهيوني في تقسيم سوريا مع  الحقد الرجعي العربي  من الملكيات  المتعفنة  مرورا  بالقوى  ( الإسلامية ) الطامحة للحكم بأي ثمن، في ضوء الحلف الامبريالي الرجعي بات الفرز واضحا وإصرار البعض من غير أولئك على تصديق أكاذيب الثورة وانزلاق البعض إلى سياق طائفي يساهمون بوعي أو بدونه في إشعال حرب طائفية في سوريا لا محل لها من الإعراب، وبما يدلل على ضحالة فكرية وثارات نائمة إذا وضعت في ميزان العروبة فقدت وزنها.
لم يبقى من أكذوبة الربيع إلا الدم الذي لم يروي إلا عطش الشيطان، ربيع غاب بعد قدوم صيف صناديق الاقتراع في مصر وتونس وصيف لاهب يحرق خارطة ليبيا وصيف طائفي في سوريا لا بد أن تقطعه يد الحق السورية يد الجيش العربي السوري، ولو كلف مهما كلف لان وحدة الوطن أهم، وقد صبرت الدولة على إرهابهم – الولايات المتحدة لم تعط شعبها حرية الانفصال وخاضت حربا ضد مواطنيها راح ضحيتها (600) ألف قتيل – وإذا لزم الأمر  فليكن ويبقى الثمن قليلا مع هذا.
ربيع توقف عند حدود أصحاب السمو والجلالة ولم يسأل أي مدافع عن ثورات الناتو لماذا؟ وكيف لجذوة الثورة أن ترتفع وتهبط وفق معادلة رياضية محكمة ودون أن تثير شكوكا لديهم، بعض أدعياء العروبة والإسلام لم تهتز مشاعرهم حين كانت غزة تحترق وكانت شواغلهم إبان العدوان عام 2008 /2009 أهم بكثير من يخرجوا لنصرة غزة ولو بالتظاهر ضد سفارة الصهاينة في عمان، لكنهم شهروا سيوفهم ضد سوريا بحجة الدفاع عن الدم السوري، وعلى نسق الصديق حين حارب من فرق بين الصلاة والزكاة فانه كافر بعروبته ودينه من فرق بين الدم السوري والدم الفلسطيني، ما يحز في النفس أن أحقادهم أهم بكثير من مصير الأمة ودموع التماسيح التي ذرفوها على شعب ليبيا ويذرفونها على شعب سوريا أولى بهم أن يذرفوها على  شرف أضاعوه، ولكم في أبي عبدالله الصغير عبرة يا أولي الألباب.
لن أكون طرفا بحرب ضد وطني وأمتي، ولو سموها ثورة أو حقوق إنسان أو حرية جوفاء، كل ذلك يشتريه الأغنياء عند صندوق الاقتراع، إذا كنا عبيدا لن استبدل عبودية بأخرى، وعبوديتي لبني وطني أكرم مليون مرة من حرية الناتو

Tagged in :

الصورة الرمزية لـ ramahu

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


بالمختصر

تعتبر لائحة القومي العربي كل الإرث القومي العربي إرثاً لها، وتحاول أن تبني على منجزاته وإيجابياته وأن تتعلم من أخطائه وسلبياته، وتتميز عن غيرها على هذا الصعيد أنها تتبنى كل الرموز والإنجازات القومية سواء كانت ناصرية أو بعثية أو قومية يسارية أو قومية إسلامية، ولهذا فإن مشروعها هو بناء التيار القومي الجذري الذي يستطيع أن يواجه تحديات القرن الواحد والعشرين وأن يحقق الأهداف القومية الكبرى. فهي ترفض التقوقع في الماضي أو الدخول بأثر رجعي في صراعات داحس والغبراء بين القوميين العرب التي انتشرت في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات مما أسهم بإضعاف التيار القومي في الشارع العربي..