سوريا: السيف اصدق أنباء

الصورة الرمزية لـ ramahu

بشار شخاترة

بدأت الأزمة السورية تأخذ اتجاهات أكثر تصعيدا من قبل التحالف الامبريالي الرجعي بعد أن اسقط في أيديهم عقب الفشل الذريع في تقرير المراقبين العرب والذي اسقط الكذبة التي نسجت حولها وسائل الإعلام المعادي روايتها طيلة عمر الأزمة .

 والملاحظ بعد كل فشل ترتفع حملة التحريض إلى أعلى مدى حتى ليظن المتابع لتلك الوسائل أن الحكم على وشك السقوط وان انتصار ( ثوار الناتو) مسألة ساعات  بعد فشلهم في احتلال الساحات الرئيسية في دمشق وغيرها من المدن الكبرى بهدف محاكاة النموذج المصري وإسقاط النظام تحت ضغط الجماهير، والسبب يعود إلى أن الكتلة الرئيسية من المجتمع تؤيد الرئيس وحدث العكس، فالجموع الغفيرة خرجت تؤيد سياسة الحكم وتؤكد على الخطوات الإصلاحية التي أعلن عنها الرئيس الأسد .

 بعد سقوط الرهان على الشارع السوري ارتفعت أصوات تركية تهدد وتنذر الرئيس بالتنحي وأصوات أمريكية تتحدث عن فقدان الرئيس لشرعيته وتكرر هذا السيناريو مرات عديدة إضافة إلى التلويح بسحب السفراء الغربيين من دمشق إلى أن عادوا من جديد يجرون أذيال الخيبة بعد تحمس البلهاء العرب بسحب السفراء من دمشق في مسعى ظن السذج من الناس والذين لا يسمعون ولا يرون إلا ما تنقله وسائل الإعلام الخليجية أن النظام السوري على وشك الرحيل، لينقشع غبار المعركة الإعلامية عن خيبة أمل لم يقتنع بعدها كثيرون أن الجولات الإعلامية التي ترفع لواءها الجزيرة وأخواتها لا تعدو إلا أن تكون جعجعة .

 دخلت الأزمة في فصل جديد هو فصل زرع العبوات والسيارات المفخخة والانتحاريين وهذا بإجماع المراقبين يعكس الأزمة التي وصل إليها الخط المعادي لسوريا وقيادتها فلا أسهل من استهداف مدنيين آمنين، وعند هذه النقطة وقبلها وان تكتيكيا ظهر وعي الشعب السوري الذي لم تتغير بوصلته واثبت انه على قدر من المسؤولية الوطنية سحبت البساط من تحت أرجلهم وفوت عليهم جميع مخططاتهم، فكان الانتقام في شوارع دمشق وغيرها من الشعب الذي استوعب المأساة العراقية والليبية وأدرك أن التحالف ضد سوريا دولة وشعبا وقيادة وان الجميع خاسر في هذه المقاولة التي رست على حمد قطر وأردوغان تركيا- قبل أن ينسحب الأخير من المشهد لأسباب تتعلق بحسابات تركية أمنية قد تطيح بحكمه – ليعود النزق والانفعال الذي بدا على حكام السعودية وقطر بعد تقرير المراقبين العرب يرافق ذلك حملة إعلامية تروج لجيش العميل الأسعد – والذي يذكرنا بجيش لحد في جنوب لبنان – مستفيدين من الفرصة التي لاحت لهم بوجود المراقبين ليظهروا وكأنهم على أعتاب دخول دمشق من دوما والزبداني، وللوهلة الأولى يظن الساذجين أن النظام بات يصارع سكرات الموت القادم على أيدي المرتزقة .

 يقول الشاعر:

 إذا رأيت نيوب الليث بارزة         فلا تظنن ان الليث يبتسم

 الحقيقة الماثلة أمام العين ان هؤلاء المرتزقة ليس بمقدورهم حسم معركة بحجم سوريا وأمام جيش متماسك ومسلح ومدرب جيدا ويملك سيطرة كبيرة على الحدود بالرغم من الخروقات على الحدود، وان الصبر على الإرهابيين قد بلغ مداه ولا بد من الحسم العسكري للبؤر الإرهابية وانه لم يعد من فرص لمن يحتضن الإرهابيين إلا أن يختار ويحدد موقفه، لان اخذ الناس رهائن وتعطيل الحياة والقتل ومحاولة تفجير عنف طائفي فاشلة ، لم يعد مقبولا استمرار الحالة القائمة في بؤر توتر ليس صعبا حسمها ، نفهم موقف القيادة السورية ولكن الحسم بات مطلب داخلي سوري وقومي عربي ، بعد أن اتضحت الإستراتيجية المعادية بالاستنزاف طويل الأمد فالضحية سوريا واقتصادها وأبناؤها، لا نقول أن العدوان سينتهي مرة واحدة ولكن سيتقلص وينحسر.

 إن مطلب اجتثاث الإرهاب من مدن كحمص والزبداني ودوما وبعض مناطق إدلب ليس رغبة في الانتقام ولكن مبرراته مطلوبة في ظل ضبابية الوضع في المنطقة وخصوصا أن ملامح التصعيد في الخليج العربي بين إيران والغرب لا ندري بالضبط كيف ستستقر أوضاعها، عدا عن الوضع الداخلي المقبل على انتخابات برلمانية وإصلاحات دستورية تحتاج إلى جو من الاستقرار.

 نهاية الوضع المأساوي باتت ضرورة ملحة ، والوضع كذلك فلا اقل من أن يتم بعلم وشهادة المراقبين العرب الذين وافقت الشام على التمديد لهم وحتى لا يستغل الأمر من قبل الإعلام المعادي ويسوق على انه تصفية للمتظاهرين السلميين كما درجت تلك الوسائل الإعلامية عليه، لقد حان القطاف الذي نضجت عناقيده، وقد آن للضحايا أن تقتص من قاتلها وليعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

 سيادة الرئيس بشار الأسد ، أنين الأرض طاول السماء من ظلمهم ، وإذا كان الحلم والأناة من شيم الكرام فقد صبرت وعفوت ولكن اللئام من طبعهم التمرد، والعملاء ليس لهم إلا حد السيف وكما قالها أبو تمام للمعتصم وبقيت تدوي على مدى الدهر:

         السيف اصدق أنباء من الكتب          في حده الحد بين الجد واللعب.

   

Tagged in :

الصورة الرمزية لـ ramahu

رد واحد على “سوريا: السيف اصدق أنباء”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


بالمختصر

تعتبر لائحة القومي العربي كل الإرث القومي العربي إرثاً لها، وتحاول أن تبني على منجزاته وإيجابياته وأن تتعلم من أخطائه وسلبياته، وتتميز عن غيرها على هذا الصعيد أنها تتبنى كل الرموز والإنجازات القومية سواء كانت ناصرية أو بعثية أو قومية يسارية أو قومية إسلامية، ولهذا فإن مشروعها هو بناء التيار القومي الجذري الذي يستطيع أن يواجه تحديات القرن الواحد والعشرين وأن يحقق الأهداف القومية الكبرى. فهي ترفض التقوقع في الماضي أو الدخول بأثر رجعي في صراعات داحس والغبراء بين القوميين العرب التي انتشرت في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات مما أسهم بإضعاف التيار القومي في الشارع العربي..