العـدوان الغـربى ـ العـربى الفاجـر على ليبـيا

الصورة الرمزية لـ ramahu

 

محمد يوســـــف

لابد أن يسجل التاريخ للمواطنين فى الأمة العربية ولأولادنا أن عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية قد وقف يوم 12 مارس 2011 يرجو بإصرار ويحرض مجلس الأمن الدولى على أن يشن حرباً على قطر عربى هو ليبيا .. ولأن العدوان على ليبيا ونهب مواردها الإقتصادية والإستفادة بموقعها الجغرافى المطل على البحر الأبيض والذى يتوسط الشمال الأفريقى كله ، كان دائماً هدفاً لأمريكا وربيباتها من الدول الغربية مثل بريطانيا وفرنسا وإيطاليا منذ أربعين عاماً .. لذلك تم إخراج جديد للعدوان الجديد بإدخال جامعة الدول العربية المهلهلة وأمينها العام الذى يكاد يذوب شوقاً الى كرسى الرئاسة فى مصر فى الموضوع .. واكتملت الدراما الإغريقية بأن يصدر مجلس الأمن الدولى بياناً رسمياً يحدد فيه أسماء الدول السبع التى شاركت ـ وما زالت تشارك ـ فى الهجوم المسلح على ليبيا لتدميرها وإخضاعها واحتلالها بقيادة أمريكا ، فإذا بينها ” دولة ” قطر .. أى أن من كٌلف بطلب العدوان والتحريض عليه كان هو عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية والمتشوق الى رئاسة مصر ، وكانت واحدة من الدول السبع المعتدية هى ” دولة ” قطر التى تنتسب الى الأمة العربية ، والتى تربض على أرضها إثنتان من أكبر القواعد العسكرية الأمريكية خارج حلف الأطلنطى ، هما العيديد والسيلية ، وتبث من على أرضها قناة تليفزيونية لا تفرق إطلاقاً إن فى الشكل أوالمضمون عن أى قناة اسرائيلية فيما يتعلق بما يحدث عندنا ولنا ..

ولم تكن تلك هى فقط قمة المأساة .. إنما كان امتناع كل من ألمانيا وروسيا والصين عن المشاركة فى العدوان بل والتنديد به صفعة على وجه أفراد ودول تنتسب زوراً الى الأمة العربية  .. وحينما انكشف المستور وشعر الأمين العام بخزى سياسى جراء دعوته لهذا العدوان وتحريضه عليه ، انجرف الى خزى مهنى آخر حين برر موقفه هذا بحرصه ” على تطبيق القانون الدولى ” .. وهو لا يعلم ـ أو يعلم لكنه الغرض والهوى ـ أن قرار مجلس الأمن رقم 1973 بالعدوان الفاجر على ليبيا ، والذى استند الى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، إنما يتعارض تعارضاً صارخاً مع الفقرة السابعة من المادة الثانية من هذا الميثاق نفسه التى تنص على أنه ( ليس فى هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل فى الشؤون التى تكون من صميم السلطان الداخلى لدولة ما ) .. ورغم ذلك فإن أمريكا قادت عدواناً فاجراً على العراق عام 2003 بذات الإجماليات والتفاصيل والحجج والقرارات التى تحدث الآن فيما يخص ليبيا ، ألقت فيه عليه قنابلاً وأدوات فتك وتدمير بما يقابل تدمير ثمان قنابل نووية ، كما نهبت  ومازالت موارده وثرواته ، وأعادته متخلفاً ألف سنة الى الوراء كما توعدته ـ نصاً ـ عشية الإغارة عليه .. وأن أمريكا هذه تعربد فى أفغانستان والصومال والسودان ( الذى هو صيد قادم أثمن من ليبيا ) ولبنان باسم القانون الدولى .. وتطلق العنان وما بعد العنان لإسرائيل لكى تحتل وتستوطن وتدمر وتقتل ، وتهود فلسطين العربية على مدار الساعة باسم القانون الدولى .. بل إن الإخراج الجديد للمنهج الإمبراطورى الأمريكى الفاجر ، هو امتطاء القانون الدولى وسط تهليل العملاء لإحكام السيطرة على العالم ونهب أوطان وطاقات وموارد ، وإذلال أمم وشعوب ، ويفضل أن يكون ذلك بموافقة ومبايعة بعضاً من  أبنائها .. الخلاصة أن عمرو موسى يعلم أن لا وجود لما يسمى بالقانون الدولى ، لأنه فى زمن الإمبراطوريات الغالبة والقاهرة والفاجرة لا وجود إلا لقانونها الإمبراطورى الخاص ولمصالحها واستراتيجياتها العليا ، وفى السياق فإن أمريكا لا تصنع ” عولمة ”  ولكنها تصنع ” عالمها ” الخاص .. وعلى الآخرين أن يتمرغوا فى وحل الذل والإهانة بحثاً عن قانونهم الدولى المفقود !! .

ورغم ذلك  فإنه فور صدور القرار 1973 هرع عمرو موسى للمشاركة في إجتماع باريس يوم 19/3/2011 ليعطي موافقته على إنطلاق الحملة العسكرية الغربية على ليبيا ، وقال كل المراقبون لحال الأمة أنه بفعلته هذه إنما أراد تقديم ” أوراق اعتماده ” لأمريكا لدعم ترشيحه للرئاسة المصرية . 

وقطعاً يعلم عمرو موسى أن اتفاقية الدفاع العربى المشترك التى وقعت فى القاهرة عام 1950 ، والتى جاءت استجابة لنص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التى تـنص عـلى ( حـق الدول منفردة أو جماعـة فى الدفاع عـن نفسها ضـد الاعـتداء الخارجى ) .. كما أنها معـاهـدة للدفاع العـربى المشـترك وقعـت عـليها الدول العـربية وهى المعنية بالموضوع ، إضافة الى ذلك فإن المادة الثـانية من هذه الاتـفاقية تنص صراحة على أنه ( تعـتبر الـدول المتعـاقدة كـل اعـتداء مسلح يقع عـلى أى دولة أو أكثر منها أو عـلى قواتها ، اعـتداء عـليها جميعـا . ولذلك فانها تـلتـزم بأن تبادر الى معـونة الدولة أو الدول المعـتدى عـليها بأن تـتخذ عـلى الفـور منفردة أو مجتمعـة جميع التدابيـر وتسـتخدم ما لديها من وسائل بما فيها استخدام القـوة الـمسـلحة لــرد الاعــتـداء ( !! ) .

نحن اذا أمام معـاهـدة تم ” تـشـيـيدها ” عـلى قواعـد ميثـاق الأمم المتحدة وتـقاليد القانون الدولى ونصوصه ، اضافة ـ وهـو الأهـم ـ الى الضرورة الاقـليمية التى فرضت الحاجـة اليها وموافـقة أصحاب تلك الضرورة وتوقيعـهم عـليها .. فمن ذا الذى ـ فى ظل مقولات الشرعـية الدولية وضـرورة الالتـزام بالقانون الدولى ـ يـستـطيع أن يـنال من هـذه المعـاهـدة ، أو ان يـبطل مفـعـولهـا ، أو أن يقلل من شرعيتها القانونية الدولية ، أو أن يتجاهلها ؟؟ .  

مـرة أخـرى نحن أمام نص اتـفاقى تعـاهـدى قانونى صريح .. ليس بحاجة الى تـفـسـيـر ، ولا يـجـدى معـه أى تـأويـل ، ولا تـتمكن من الغـائه أو التـشويش عـليه أطنـان من الانفعـالات النفسـية التى انـتابت بعـض الذيـن حاولوا ذلك إبان العـدوان الأنجلو أمريكى عـلى العـراق وما زالوا .. إنهم يحاولون اخـفاءه أو نسيـانه وتمنوا

لـو أنـه لم يكن موجودا من الأصـل .. تماماً كما هو حالهم الآن فى مشهد العدوان الغربى ـ العربى الفاجر على ليبيا العربية .. وبدلاً من أن يحرض عمرو موسى ـ من موقعه ـ الدول العربية للوقوف فى وجه العدوان ، فإنه يحرض أمريكا والغرب للعدوان على واحدة منها !! .

قد يكون لنا مائة ملاحظة على النظام السياسى الحاكم فى ليبيا ، لكننا فى نفس الوقت لنا آلاف الملاحظات على معظم أركان النظام السياسى العربى خاصة دول الخليج التى هى الآن بالفعل قواعد عسكرية معلنة للإمبراطورية الأمريكية ، ومن ثم لا يقل خطرها على الأمة العربية ـ بوضعيتها تلك ـ عن خطر اسرائيل التى كنا وما زلنا نصفها بأنها حاملة طائرات أمريكة تربض على أراضينا .. إلا أننا فى كل الأحوال ضد أى تدخل خارجى يمس قدسية أى شبر من الأرض العربية ، وتلك فريضة من فرائض حياتنا وعقيدتنا للتحرر والنهضة .. إن الأمم القديمة والكبيرة لا تموت ، والشعوب لا تٌقهر ولا تٌجبر .. قد تصبر وتختزن ، ثم تنفجر لتحطم الزيف فى حياتها ، وتغتسل وتتطهر ، وتتحرر وتتقدم .. كأن عمرو موسى لم يسمع بهدير الثورة فى مصر فى 25 يناير 2011 ؟! .   

مصر العربية

Tagged in :

الصورة الرمزية لـ ramahu

3 ردود على “العـدوان الغـربى ـ العـربى الفاجـر على ليبـيا”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


بالمختصر

تعتبر لائحة القومي العربي كل الإرث القومي العربي إرثاً لها، وتحاول أن تبني على منجزاته وإيجابياته وأن تتعلم من أخطائه وسلبياته، وتتميز عن غيرها على هذا الصعيد أنها تتبنى كل الرموز والإنجازات القومية سواء كانت ناصرية أو بعثية أو قومية يسارية أو قومية إسلامية، ولهذا فإن مشروعها هو بناء التيار القومي الجذري الذي يستطيع أن يواجه تحديات القرن الواحد والعشرين وأن يحقق الأهداف القومية الكبرى. فهي ترفض التقوقع في الماضي أو الدخول بأثر رجعي في صراعات داحس والغبراء بين القوميين العرب التي انتشرت في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات مما أسهم بإضعاف التيار القومي في الشارع العربي..