أحداث ليبيا وسوريا .. الثورة والثورة المضادة

الصورة الرمزية لـ ramahu

 

سيد أمين


ما يحدث الان فى ليبيا لا يمكن أن يكون ثورة وطنية , وما ارتكبه الاخوة فى بنغازى من إثم لا يغفره أبدا ما يتحدثون عنه من منافع
 

فالثائر الوطنى لا يمد يده مطلقا للاجانب طالبا صواريخهم وقنابلهم لتدك أبناء بلده وتسويهم بالارض حتى لو كانوا اعداء له , ولو كان ذلك جائزا لكان هناك ثمة خلل فى فقه الوطنية والولاء , علما بأن الشرع الاسلامى يؤمن بأن درأ المفاسد مقدم على جلب المنافع بمعنى أن الابتعاد عما فيه شر – اى الأجنبى فى تلك الحالة – مقدم على جلب المنافع – اى الديمقراطية.

فى الحقيقة أنا اتصور ان الاخوة الليبييين فى بنغازى قد وقعوا فى خطأين جسيمين – دون قصد – الأول منهما حينما سمحوا لانفسهم بتحويل مطالبهم الاجتماعية والراغبة فى التغيير الى ثورة مسلحة فى بلد له صبغة قبلية ويمتلك كل فرد فيه معارضة وموالاة سلاحا , والثانى حينما زادوا الطين بلة وسمحوا لأنفسهم بأن يكونوا مطية – للولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا – بطلبهم منها التدخل عسكريا وهى القوى التى تسعى للقفز على ثورتهم وتحويرها لحسابات استعمارية , واذكّرهم بالثورة اليمنية الذى تتشابه ظروف شعبها مع الشعب الليبى من حيث الشعب المسلح ومطالب التغيير حيث لم يشهر الثوار سلاحهم فى وجه السلطة ودائما ما رددوا فى هتافاتهم “سلمية سلمية” رغم تساقط الشهداء بينهم.

لقد خسر الغرب فى هذا العام “2011” وبشكل مفاجىء أهم حليفين له فى الشرق الاوسط والمتمثلين فى نظام مبارك فى مصر ونظام بن على فى تونس والذين كانا يشكلا مع النظام السعودى مثلث الانبطاح العربى والمحور المجهض لأى حركة تحرر عربية , ولذلك كان لزاما على تلك القوى الغربية السعى لوقف الهروب الجماعى للنظم العربية من القفص الغربى ووقف نزيف التحرر العربى واجهاض ثوراتهم وتحويرها الى مسار ترتضيه , وبما انه فقد حليفين قويين له فقد فكر فى ان يقوم باحلالهما بسوريا وليبيا بعد تغيير نظاميهما المعاديين له مستغلا فى ذلك اجواء “الثورات العربية” التى حازت على تعاطف العالم ومرتديا نفس رداءتها بأن الشعوب تريد الحرية وهى كلمة حق اريد بها – فى هذين النموذجين فقط – باطلا , بدليك تركيز وسائل الاعلام العالمية والعربية على ليبيا وسوريا واحيانا اليمن تضخيما وتركيزا على مساوىء تلك النظم دون محاسنها.

مع أن العالم العربى يغلى بثورات حقيقية وأكثر إلحاحا ضد القهر والفساد والتعذيب والقتل  والعمالة للخارج كما هو الحال فى العراق والبحرين والمغرب والجزائر , ورغم ذلك لم نسمع صوتا غربيا يندد بما يحدث هناك وان فعل فهو يفعله عل حياء وذرا للرماد فى العيون.

والمدهش فى هذا الصدد أن العالم التزم الصمت المريب تجاه المجازر – ولست مبالغا- التى يرتكبها نورى المالكى وحكومته الموالية للاحتلال الامريكى ضد المعتصمين فى ساحة التحرير ببغداد منذ شهرين تقريبا .

وعلى ما يبدو ان قوى الاستعمار الغربية سعت للحيلولة دون التحام الثورات الشعبية العربية بعضها ببعض مما قد يهيىء الأجواء للوحدة العربية الكبرى فراحت تشغل الحواجز بين القطرين المصرى والتونسى من خلال التواجد على الاراضى الليبية بشكل مباشر أو من خلال نظم تواليه يقوم هو بتنصيبها.

كما وجد الغرب فرصة ذهبية قد لا تتكرر للتخلص من سوريا التى تشكل عقبة كئود حالت فيما مضى دون الانبطاح التام للامة العربية مستغلا المطالب الاجتماعية العادلة لغاضبين سوريين وراحت ” الحرة ” وال” بى بى سى ” و”العربية” تحرض على اشعال الثورة , بينما ظهر جليا عبث اجهزة الاستخبارات الامريكية والاسرائيلية والسعودية فى اشعال الاحداث.

ويمكننا ان نجزم الان ان أياد صهيونية تعبث فى احداث ليبيا وسوريا وتحاول من خلال تغيير نظامى الحكم فيهما باحلال نظم اخرى مكانهما  وتحاول تحقيق الثورة المضادة للثورات العربية من خلالهما .

وانا اتوقع ان نظاما جديدا فى ليبيا هو خنجر مغروس فى ظهر مصر وخاصرة تونس وان نظاما جديدا فى سوريا هو سقوط مدوى لكل مشروعات المقاومة العربية.

انا لا ادافع عن نظامى بشار والقذافى واقف دائما مع حق الشعوب فى الحرية  ولكن اخشى فقط الوقوع تحت نير الاستعمار مجددا , أو أن نستبدل ديكتاتورية محلية باخرى عميلة للاجنبى واعلم ان كلمة يجب ان تقال لا يصح ان نكتمها.

Albaas10@gmail.com
Albaas.maktoobblog.com

 

 

Tagged in :

الصورة الرمزية لـ ramahu

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


بالمختصر

تعتبر لائحة القومي العربي كل الإرث القومي العربي إرثاً لها، وتحاول أن تبني على منجزاته وإيجابياته وأن تتعلم من أخطائه وسلبياته، وتتميز عن غيرها على هذا الصعيد أنها تتبنى كل الرموز والإنجازات القومية سواء كانت ناصرية أو بعثية أو قومية يسارية أو قومية إسلامية، ولهذا فإن مشروعها هو بناء التيار القومي الجذري الذي يستطيع أن يواجه تحديات القرن الواحد والعشرين وأن يحقق الأهداف القومية الكبرى. فهي ترفض التقوقع في الماضي أو الدخول بأثر رجعي في صراعات داحس والغبراء بين القوميين العرب التي انتشرت في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات مما أسهم بإضعاف التيار القومي في الشارع العربي..