المعتقلون الأردنيون في السجون السعودية

الصورة الرمزية لـ ramahu



د. إبراهيم علوش

24/3/2011

يوم الأحد المنصرم، الموافق في 20/3/2011، اعتصم مئات من أهالي المعتقلين الأردنيين في السجون السعودية أمام مقر السفارة السعودية في عمان، في منطقة عبدون، للمطالبة بإطلاق سراح أبنائهم المعتقلين منذ سنوات، بلا محاكمة، وبدون إبداء الأسباب، إما على خلفية أرائهم السياسية، أو بدون أي خلفية على الإطلاق.

وقد جاؤوا من مختلف المناطق الأردنية، من معان والزرقاء وعمان، ونصبوا خيامهم على الرصيف في الشارع الرئيسي المودي إلى دوار عبدون، وأطلقوا الهتافات المنبثقة من القلوب المفعمة بالأسى واللوعة على مصير من ذهبوا للعمل أو الدراسة ليختفي أثرهم بعد اعتقالهم من قبل الأجهزة الأمنية السعودية، ومنهم الأستاذ الجامعي الدكتور

محمد أمين النمرات الذي سجن ثلاث سنوات قبل أن يموت تحت التعذيب…


وقد كان مشهد عائلات وأطفال المعتقلين الأردنيين أمام السفارة السعودية في شارع عبدون، على خلفية اليافطات التي تحمل أسماء بعض المعتقلين، وعددهم بالعشرات، وهم ليسوا مجرد أرقام، شديد التأثير لكل من في قلبه ذرة من الإحساس.  وقد ناشد الأهالي أصحاب الضمائر الحية: حاكموا أولادنا وأزواجنا وآباءنا أو أفرجوا عنهم!  وإذا كانوا قد ارتكبوا ذنباً ما، أخبرونا ما هو، أو فكوا أسرهم غير المعلن وغير المبرر وغير القانوني!

بعض أولئك المعتقلين ما برح في السجن سبع أو ثماني سنوات، مثل هاني علي الخطيب أو نائل إبراهيم يحي أو خالد حسين البلوي، وبعضهم قضى في السجن أكثر من أربع سنوات، مثل يوسف فؤاد أبو عواد أو محمود محمد البزايعة أو سفيان عصام بندق أو مزهر مصطفى البشتاوي أو رامي سالم أبو خوصة أو رامز رمزي صبري حماد أو فريد أبو ربيع، وغيرهم ما برح في السجن أشهراً أو أكثر من عام، والأعداد بالعشرات… وهنالك من اعتقل لسنوات ليفرج عنه بعدها دون أن يتهم بشيء مثل خالد حسنين ونضال سامي فهد وزهير جمال حمدان وغيرهم…

فبأي حق يعتقل هؤلاء لسنوات بلا محاكمة؟  وأين كل من يتبنون قضايا حقوق الإنسان والحريات من هؤلاء الأسرى؟  وبالتحديد أكثر، لماذا تتجاهل قضية هؤلاء المعتقلين وسائل الإعلام العربية والأردنية؟  ولعل الأسئلة الأهم سياسية الطابع: فهل يعتقل هؤلاء بناء على توصيات عربية أم أمريكية؟ وهل يعتقلون لمصلحة عربية أم أمريكية؟  وهل هم في سجون عربية أم في سجون أمريكية سرية؟  وهل بات من حق الأنظمة الموالية لحكومة الولايات المتحدة أن تعتقل، بالإضافة إلى مواطنيها، مواطني الدول العربية الأخرى بناء على الشك أو الاحتراز أو الميل السياسي دون أن تُسأل عما تفعله؟  ولماذا يصمت الأردن الرسمي على هذه الانتهاكات بحق مواطنيه، بالرغم من الاحتجاجات والشكاوى المتكررة لأهالي المعتقلين؟  وهل كان سيصمت لهذه الدرجة لو كان هؤلاء معتقلين لدى أنظمة عربية ممانعة أو مناهضة للولايات المتحدة والعدو الصهيوني؟!

أهالي المعتقلين الأردنيين في السجون السعودية أقاموا ثلاثة اعتصامات حتى الآن، وعندما قابلوا مسؤولاً في السفارة السعودية في عمان قبل مدة قيل لهم أن مهمة السفارة في أي بلد هي رعاية مواطنيها في ذلك البلد، وبالتالي فإن السفارة السعودية مسؤولة عن المواطنين السعوديين في الأردن، أما الأردنيون في السعودية فمسؤولية السفارة الأردنية هناك التي لم تثير قضيتهم، ولا وزارة الخارجية الأردنية أثارتها، فلماذا هذا التجاهل المتعمد لمعاناة إنسانية حقيقية تمس عشرات العائلات الأردنية، وتمثل انتهاكاً حقيقياً لحقوق المواطنين الأردنيين يمثل التغاضي عنه رخصة لكل دول العالم لاعتقال أي مواطن أردني بدون إبداء الأسباب ولأجل غير مسمى؟!!

ويشار أن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الأردن حاولت أن تدرج المعتقلين الأردنيين ضمن العفو العام عن السجناء الذي صدر في السعودية، كما كانت هناك بعض المحاولات الجزئية لإثارة القضية في سياقات أخرى، وكلها جهود حميدة لكنها أقل بكثير مما يجب.  فأهالي المعتقلين يحتاجون ويطالبون باهتمام إعلامي حقيقي، وبانخراط أصحاب الرأي الحر، وناشطي الحريات والحقوقيين، أردنياً وسعودياً وعربياً، مما قد يساعد على إخراج قضيتهم إلى العلن بصورة أقوى وبزخم أكبر، لخلق رأي عام داعم للإفراج عن المعتقلين، تماماً كما حدث ويحدث في حالة المعتقلين الأردنيين في سجون العدو الصهيوني… وهي مسؤوليتنا جميعاً، كما أنها نقطة إجماع، بمعنى أنها قضية تتجاوز أي خلافات في الرأي حول أي مسألة أخرى، فهل من مجيب؟

Tagged in :

الصورة الرمزية لـ ramahu

رد واحد على “المعتقلون الأردنيون في السجون السعودية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


بالمختصر

تعتبر لائحة القومي العربي كل الإرث القومي العربي إرثاً لها، وتحاول أن تبني على منجزاته وإيجابياته وأن تتعلم من أخطائه وسلبياته، وتتميز عن غيرها على هذا الصعيد أنها تتبنى كل الرموز والإنجازات القومية سواء كانت ناصرية أو بعثية أو قومية يسارية أو قومية إسلامية، ولهذا فإن مشروعها هو بناء التيار القومي الجذري الذي يستطيع أن يواجه تحديات القرن الواحد والعشرين وأن يحقق الأهداف القومية الكبرى. فهي ترفض التقوقع في الماضي أو الدخول بأثر رجعي في صراعات داحس والغبراء بين القوميين العرب التي انتشرت في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات مما أسهم بإضعاف التيار القومي في الشارع العربي..