تسريبات موقع ويكيليكس حول المالكي ودور إيران في العراق

الصورة الرمزية لـ ramahu

 

د. إبراهيم علوش

 

للوهلة الأولى، تبدو التسريبات التي انتشرت عبر موقع ويكيليكس حول دور نوري المالكي في المجازر الطائفية في العراق، ودور إيران في تدمير العراق، رداً على زيارة أحمدي نجاد إلى لبنان والاستقبال الشعبي الحافل الذي حظي به هناك، والذي شاركت فيه جماهير المخيمات الفلسطينية بلبنان بكثافة على ذمة بعض التقارير الإعلامية.

 

وإذا كان القسم الأكبر من تسريبات ويكيليكس يدين الجيش الأمريكي في العراق وأفغانستان، مما أثار مخاوف في الولايات المتحدة نفسها حول مصير قوات الاحتلال هناك، فإن ذلك لا يضيف للمشاعر السلبية تجاه الولايات المتحدة بين العرب والمسلمين كثيراً، لأن الولايات المتحدة مدانة في الشارع العربي والإسلامي أصلاً، وحكومتها تعرف ذلك جيداً، وهي الغريقة فما خوفها من البلل؟!

 

أما إيران، فموقف الشارع العربي منها منقسم عامودياً، وملتبس بمقدار التباس السياسات الرسمية الإيرانية بين دعمها الحقيقي لقوى المقاومة العربية في لبنان وفلسطين، ومحاولتها الحقيقية لاختراق الخليج العربي واحتوائه، وتواطؤها الحقيقي أيضاً مع الولايات المتحدة في احتلال أفغانستان وتدمير العراق، أساساً عبر أدواتها المحلية في البلدين، ومنها طبعاً حزب الوحدة في أفغانستان، والميليشيات الطائفية التي شكلت مع البيشمركة الكردية الداعم الرئيسي لقيام النظام العميل في العراق في السنوات الأولى للاحتلال الذي كانت إيران من أول الذين اعترفوا به رسمياً، ولا ننسى طبعاً زيارة أحمدي نجاد للمنطقة الخضراء إذا كان الرد أن من تعاونوا مع الاحتلال عام 2003 هي قوى “الاعتدال” في النظام الإيراني، لا “المحافظين” الذين يمثلهم نجاد.

 

ومن هنا، وفي ظل تصاعد حمى التنافس الإيراني-الأمريكي على الإقليم، وفي ظل تهتك الموقف الرسمي العربي وتآمره، وفي ظل التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والعدو الصهيوني، وغياب المشروع القومي العربي المقاوم عن الميدان، والفراغ الذي خلقه هذا الغياب لتحاول كل قوى الهيمنة الإقليمية من إيران إلى تركيا إلى أوروبا إلى أثيوبيا أن تملأه لتحصل على حصة من الكعكة من نفط العراق إلى مياه النيل… بات الشارع العربي متعطشاً لكل من يواجه الطرف الأمريكي-الصهيوني ولو كان مشروع هيمنة بديل، ولو كانت هناك بدائل عربية أفضل قادرة على مواجهة تقدم المشروع المعادي فعلاً لاختلف الأمر عند الناس.

 

وفي ظل حاجة الطرف الأمريكي-الصهيوني لتسكين الملف الفلسطيني ريثما تتم إعادة ترتيب الأوضاع في الإقليم، وحاجة إيران لتفعيله ضمن نفس السياق بالضبط، ولكن بالاتجاه المعاكس، أصبح الموقف الإيراني يتقاطع مع مصلحة الشعب العربي بتفعيل الملف الفلسطيني لإسقاط مشروع التسوية وتصفية القضية الفلسطينية، وبالحد الأدنى، لعرقلة مسيرة التفريط اللامتناهي.  وقد تبين من وسائل الإعلام أن الإدارة الأمريكية أصيبت بالذعر من الاستقبال الشعبي المليوني الذي لقيه نجاد في لبنان، بما قد يوحي أن الشعب العربي بات يميل باتجاه إيران، وأن إيران ربما تكون على وشك الإمساك شعبياً بدائرة الخليج العربي وبدائرة دول الطوق، فكان لا بد من عرض بعض الغسيل القذر على الملأ بعد أن اختلف الحلفاء السابقون على الغنيمة. 

 

 

كما أن نوري المالكي الذي تعتبر الولايات المتحدة نفسها ولية نعمته أزعجها أن تكتشف أنه يناور عليها لمصلحة إيران، خاصة والأخيرة تمسك بأوراق تجديد رئاسته للوزارة في النظام العميل التي أسسته هي، فكان لا بد من توجيه صفعة إعلامية وسياسية إليه تعيده إلى مكانه الطبيعي كعميل صغير تجاوز حجمه المحدد.

 

الغريب في الأمر هو المفاجأة التي انتابت البعض مما جاءت به تسريبات موقع ويكيليكس حول دور نوري المالكي وإيران في العراق (أما دور قوات الاحتلال فلم يفاجئ أحداً)، ومصدر الغرابة في القصة أن مواقع المقاومة العراقية كانت تنقل تقارير مفصلة ومنتظمة منذ العام 2006 حول دور المالكي وإيران في تدمير العراق، ولذلك فإن كاتب هذه السطور مثلاً تلقى “فضيحة ويكيليكس” في حالة من التثاؤب، سوى أنها تؤكد كثيراً مما نعرفه عما قامت به قوات الاحتلال الأمريكي وعن دور إيران في العراق منذ سنوات، وما لم يتم كشفه يبقى أكثر بكثير…

 

يبقى السؤال طبعاً إن كان موقع ويكيليكس قد سرب هذا الكم من الوثائق شبه السرية بالرغم من إرادة الأجهزة الأمنية الأمريكية أم بعلمها، وهو ما سبق تناوله منذ أشهر في مادة أخرى حول ذلك الموقع نذيلها أدناه لمن يرغب.

 

alloush100@yahoo.com

 

 

 

 

 

Tagged in :

الصورة الرمزية لـ ramahu

4 ردود على “تسريبات موقع ويكيليكس حول المالكي ودور إيران في العراق”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


بالمختصر

تعتبر لائحة القومي العربي كل الإرث القومي العربي إرثاً لها، وتحاول أن تبني على منجزاته وإيجابياته وأن تتعلم من أخطائه وسلبياته، وتتميز عن غيرها على هذا الصعيد أنها تتبنى كل الرموز والإنجازات القومية سواء كانت ناصرية أو بعثية أو قومية يسارية أو قومية إسلامية، ولهذا فإن مشروعها هو بناء التيار القومي الجذري الذي يستطيع أن يواجه تحديات القرن الواحد والعشرين وأن يحقق الأهداف القومية الكبرى. فهي ترفض التقوقع في الماضي أو الدخول بأثر رجعي في صراعات داحس والغبراء بين القوميين العرب التي انتشرت في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات مما أسهم بإضعاف التيار القومي في الشارع العربي..