النضال لا تكون أهدافه استسلامية

الصورة الرمزية لـ ramahu



ناجي علوش

السبيل14/10/2010


إن معركتنا مع الكيان الصهيوني طويلة ومعقدة.  وستكون المعركة القادمة أصعب وأكثر تعقيداً من معركة 47-1948 لأن الكيان الصهيوني يخطط للانتقال من “إسرائيل” الصغرى إلى “إسرائيل” الكبرى.  وهذا يتطلب منا الانتقال من سياسة المناوشة والمشاغبة إلى سياسة التحرير، ومن سياسة المطالبة بدولة صغرى إلى سياسة استعادة الوطن، وخط الفصائل القائمة صار، بعد أن كان خط التحرير واستعادة الوطن المحتل كله، سياسة الدولة المقزمة، ضمن خط التسوية والتصفية.

وهنا يجب أن نفرق بين خط التحرير من جهة، وخط التسوية من جهة أخرى.  وإن لم نفرق بينهما، فإننا سنسير، درينا أم لم ندرِ، في خط التصفية وتضييع القضية.

ويقوم خط التحرير على ما يلي:

1) التمسك بالأرض، كل شبر من الأرض، وكل بند من القضية،

2) الإعداد للتحرير، بينما الذي يجري الآن هو الإعداد للتصفية باسم التسوية،

3) عدم المراهنة على “طرف دولي” لأن الأطراف الدولية مرتبطة فكرياً ووجودياً بالطرف الصهيوني لأسباب ثقافية أو إستراتيجية أو اقتصادية أو سياسية،

4) تعبئة الشعب على أن المعركة طويلة وصعبة، لأنها معركة تحرير،

5) رفض كل أشكال التسوية،

6) بناء القوى على أساس التحرير،

7) إسقاط القوى والشخصيات التسووية من بناء م.ت.ف وعمل الفصائل.

أما خط التصفية فيقوم على ما يلي:

1) الامتثال للسياسة الدولية،

2) عدم بناء قوى للمواجهة،

3) المراهنة على المؤسسات والعلاقات الدولية،

4) “لملمة” قوى التسوية،

5) إحباط تيارات المقاومة في صفوف الشعب.

إن الوقت يمر، والعدو يبني مستعمرات، ويطوق مدناً، ويزداد عنصريةً واحتقاناً، ويطور ترسانته العسكرية، ويعزز قواته، وهي قوات مسلحة كبيرة ومؤهلة، ويبني علاقات دولية، ويضلل قوى دولية، ويخلق أجواء، ويخترق الوطن العربي ومنه فلسطين، وهو يفعل كل ذلك ورهانه على المستقبل.  فمتى نصحو من غفلتنا، ونبدأ ببناء قوى لتحرير أرضنا؟!  لأن القوى الفلسطينية الموجودة، ما عدا غزة، غير مؤهلة لأية معركة إلا إذا كانت بمستوى خوض اشتباك سريع أو صمود مؤقت في رقعة أرض صغيرة… والمطلوب بناء قوى هجومية أو دفاعية على نطاق واسع، بمستوى الصمود أمام جيش كامل العدة والعتاد مثل الجيش “الإسرائيلي”، كما حدث في غزة وجنوب لبنان.

وعلينا أن نعترف أن العدو الصهيوني قد نجح في ميادين متعددة بفضل سياساتنا، وها هي الدول العربية، من أقصى الوطن العربي إلى أقصاه، باتت مستعدة في ظل “المبادرة العربية” للسلام مع العدو الصهيوني بفضل سياساتنا قصيرة النظر، محدودة الأهداف: دولة فلسطينية مقزمة.  وها هي دول العالم تحذو حذو الدول العربية العاجزة والخائبة.  إن سياسات الاستسلام تقود إلى المزيد من الاستسلام، و”القمل يجز السيبان”، كما يذهب المثل الشعبي، والنضال لا يمكن أن تكون أهدافه استسلامية.

والآن يجب أن ندرس تطور سياسات م.ت.ف، وأن ننتقد الخلل فيها، من كل الجوانب: السياسية، العسكرية، الاجتماعية (علاقتها بالمخيمات)، العربية، والتمويلية.  وأنا أعتبر أن موقفي الناقد في أيام عرفات يجب أن يكون الآن أشد وأقوى وأعنف، لأن الخلل مستمر، والسياسات تتدهور، وتنحرف أكثر مما كانت أيام عرفات، مع أن الأصل في الخلل عرفات.

والعجيب الغريب أن الساحة الفلسطينية خالية الآن من أي حوار حول قضاياها الرئيسية، وهناك انتظار مريب لما سيفعله الأمريكيون مع نتنياهو، وحتى تسليم حكومة نتنياهو طائرات أمريكية هي الأكثر تطوراً في العالم، خلال المفاوضات المباشرة، لم يثر أي تساؤل لدي المفاوض الفلسطيني الذي ظل يراهن على التدخل الأمريكي لمصلحته…

وحتى القانون العنصري الذي اتخذه مجلس الوزراء الصهيوني حول الاعتراف بالدولة اليهودية دولة قومية يهودية ديموقراطية لم يثر أي تساؤل حول مصير المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة…

فإلى متى نظل نهذي ونضلِل ونهرِف بما لا نعرف، ونسبح في بحيرات الوهم وسراب العجز؟!

إننا بحاجة إلى سياسة جديدة، واعية وثاقبة النظر، تجعل التكتيك جزءاً من الأهداف، وتحدد الأهداف بدقة وبوعي…





Tagged in :

الصورة الرمزية لـ ramahu

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


بالمختصر

تعتبر لائحة القومي العربي كل الإرث القومي العربي إرثاً لها، وتحاول أن تبني على منجزاته وإيجابياته وأن تتعلم من أخطائه وسلبياته، وتتميز عن غيرها على هذا الصعيد أنها تتبنى كل الرموز والإنجازات القومية سواء كانت ناصرية أو بعثية أو قومية يسارية أو قومية إسلامية، ولهذا فإن مشروعها هو بناء التيار القومي الجذري الذي يستطيع أن يواجه تحديات القرن الواحد والعشرين وأن يحقق الأهداف القومية الكبرى. فهي ترفض التقوقع في الماضي أو الدخول بأثر رجعي في صراعات داحس والغبراء بين القوميين العرب التي انتشرت في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات مما أسهم بإضعاف التيار القومي في الشارع العربي..