د. إبراهيم علوش
السبيل 24/6/2010
حسب أخر نشرة إحصائية متوفرة على موقع وزارة المالية الأردنية، نشرة أيار 2010، فإن عائدات الضريبة على الاستهلاك اليومي للمواطنين، المسماة الضريبة على السلع والخدمات، سوف تزداد من أكثر من مليار دينار عام 2005، إلى أقل من ملياري دينار بقليل مقدرة لعام 2010، أي أن الجباية الضريبة على الاستهلاك اليومي للمواطن ستتضاعف تقريباً خلال خمس سنوات، وهذا قبل إعلان الحزمة الجديدة من الضرائب على البنزين والهواتف النقالة والبن وغيرها في 17/6/2010.
وإذا كانت الجباية على الاستهلاك اليومي ستزداد تسعين بالمئة في خمس سنوات، فهل سيزداد متوسط الدخل الفردي تسعين بالمئة خلال خمس سنوات؟ يعني هل سيزداد دخل المواطن بالتوازي مع العبء الضريبي على الاستهلاك اليومي بالتحديد (دون تناول الضرائب الأخرى هنا)؟
متوسط الدخل الفردي طبعاً يساوي الناتج المحلي الإجمالي مقسوماً على عدد السكان، وهو المقياس التقليدي لحالة مستوى المعيشة. وهو مقياس لا يأخذ بعين الاعتبار، كوسط حسابي، سوء توزيع الدخل بين السكان الذي يرصده “معامل جيني” مثلاً، ويفترض ضمناً بالتالي أن أي زيادة في الدخل الوطني ستتوزع بالتساوي بين المواطنين، وهو افتراض غير واقعي وغير دقيق طبعاً. بالرغم من ذلك، فلنفترض أن متوسط الدخل الفردي مؤشر مقبول لمستوى المعيشة…
نقول: إذا كان مستوى المعيشة، ممثلاً بمتوسط الدخل الفردي، قد ازداد تسعين بالمئة، وازداد معه الإيراد الضريبي من الاستهلاك اليومي بنفس النسبة، يكون العبء الضريبي على المواطن قد بقي كما هو.. دون أي عبء إضافي كنسبة مئوية من الدخل. أما إذا ازداد العائد الضريبي على الاستهلاك اليومي كنسبة من الدخل، فإن العبء الضريبي يكون قد ازداد، وبالتالي فإن الضريبة على السلع والخدمات تصبح هكذا ضريبةً تناقصية – نقيض التصاعدية -، أي تكون الحصة المقتطعة كضريبة مبيعات كنسبة مئوية من الدخل قد ازدادت كلما انخفض الدخل بدلاً من العكس!
لكننا نستطيع أن نستنتج من النشرات الإحصائية لوزارة المالية أن متوسط الدخل الفردي، بالأسعار الجارية، أي بدون أخذ التضخم بعين الاعتبار، قد ازداد حوالي 66% ما بين عامي 2005-2009، وأن الإيرادات الضريبية عامة، والضريبة على السلع والخدمات خاصة، قد ازدادت أقل من ذلك (بحدود 63 -64%) خلال نفس الفترة. وكل هذا حتى عام 2009… فإذا أدخلنا تقديرات الإيرادات الضريبية عامة لعام 2010 في الحسبان، وضريبة السلع والخدمات خاصة، فإننا نستنتج بسهولة أن الرواتب أو متوسط الدخل الفردي يجب أن يزدادا بمقدار الربع، أو حوالي 24%، في عام 2010، أو في ما تبقى منه، وهو الأمر المستبعد تماماً، لكي يبقى معدل العبء الضريبي ثابتاً، وهذا إذا أرادت الدولة أن تحصد الإيراد الضريبي من استهلاك السلع والخدمات الوارد في نشرة وزارة المالية، وهو أقل من ملياري دينار بقليل، بزيادة تصل إلى 268.7 مليون دينار في عام 2010 عنها في عام 2009.
وبدون ارتفاع الرواتب بمقدار الربع في بقية عام 2010، لا بد حسابياً أن يزداد العبء الضريبي لاستهلاك السلع والخدمات على المواطن كنسبة من دخله في عام 2010، وهو ما يخالف المادة 111 من الدستور الأردني التي تنص على مبدأ الضريبة التصاعدية والمساواة والعدالة الاجتماعية في فرض الضريبة. فالزيادات الأخيرة في الضرائب غير دستورية، مثل كل زيادات ضريبة المبيعات منذ عقد.
المشكلة الأخرى ما نقل إعلامياً عن مصادر رسمية عند عرض حزمة الضرائب الجديدة من أن الأثر الإيرادي لحزمة الضرائب الجديدة سيبلغ حوالي 200 مليون دينار… فهل نستنتج أن ثمة حاجة للمزيد من الضرائب لتغطية بقية ال268،7 مليون دينار من إيراد ضريبة السلع والخدمات؟
اترك تعليقاً