هل ينجح الرفيق صالح في قلب طواقي الأردنيين؟

الصورة الرمزية لـ ramahu



والرفيق صالح هو معالي الأستاذ صالح قلاب وزير الأعلام السابق، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الإذاعة و التلفزيون والمدير العام لهذه المؤسسة بالوكالة حالياً،والكاتب اليومي في صحفية “الرأي” حيث تم تعيينه للكتابة في هذه الصحفية بطلب من رئيس وزراء سابق، وقد رغبت ان ادعوه بالرفيق باعتبار ما كان وليس باعتبار ما هو عليه الآن، وعندما كان زملاء كثر وبينهم كاتب هذه السطور ينامون ويستيقظون ويأكلون ويشربون ويدخنون ويكتبون وهم داخل احشاء السلطة ويدافعون عن الأردن وشعبه ونظامه ومؤسساته ومواقفه في السبعينات والثمانينات والتسعينات كان الرفيق صالح يحمل كلاشينكوفه وقلمه، ويطوف بين العواصم العربية وحكوماتها وأجهزتها مطالبا بإسقاط النظام الأردني العميل ويشن بقلمه النظيف حملاته الشرسة على قيادته وحكوماته وأجهزته ومواقفه، وقد روى لي صديق بعثي ترك الحزب ولم يتنكر لانتمائه القومي قصصا كثيرة ليس هذا اوان سردها، ومن هذه القصص ان الرفيق السابق صالح دخل قاعة احد المؤتمرات في بيروت لحضور مؤتمر لاتحاد طلبة الأردن ولما شاهد اللافتة الطويلة العريضة المعلقة فوق المنصة وقرأ ان كل ما هو مكتوب عليها( المؤتمر العام لاتحاد طلبة الأردن) صرخ انه لن يحضره وتوجه نحو البوابة لمغادرة القاعة- فاعترضه الرفاق – من تغير ومن ما زال على انتمائه القومي – لإقناعه بالعودة وموافقتهم على طلبه وهو إضافة عبارة ( من اجل إسقاط النظام الأردني العميل) التي عرفت عنه تكراره لها في كل لقاءاته الحزبية والصحفية والسياسية، وكان له ما اراد، هنا لا أقدم تقرير مخبر صحفي الى ايه مؤسسة أمنية ، فلدى هذه المؤسسة كل تفاصيل تفاصيل الرفيق صالح عبر اكثر من عقدين من الكفاح المسلح والسياسي ضد نظامنا وقيادته وتوجهاته ومواقفه وسياساته.


عام 1989 وبعد احداث الجنوب، قطع المغفور له جلالة الملك الحسين زيارته للولايات المتحدة، وعاد الى عاصمته حيث توجه الى مؤسسة الإذاعة والتلفزيون وخاطب الأردنيين بالحكمة والمحبة والحرص التي عرفت عنه – رحمه الله- مجتمعة، وكان ابرز ما قاله في خطابه( ان الشعوب الحية هي التي تتحرك) ولم يوجه اتهاما للأردنيين بأنهم مندسون وأعداء للوطن ويتلقون تعليماتهم من الخارج ويهددون امن المملكة الأردنية الهاشمية واستقرارها، ولم يهدد او يتوعد شعبه الطيب، واصدر تعليماته للحكومة باستقبال كل اردني يرغب في العودة الى وطنه وعدم التعرض لأي واحد من العائدين، وقرر ان نستأنف حياتنا الديمقراطية وجرت اول وآخر انتخابات عامة نزيهه، وكان الرفيق صالح احد هؤلاء العائدين ولم يمنع من الترشح في هذه الأنتخابات متأكداً من فوزه وتمثيله لمدينة الزرقاء، ووقف وراء تأكده ان هذه المدينة الأردنية مدينة سياسية بامتياز، وان نجاحه مضمون بسبب سنوات نضاله الكثيرة والطويلة في صفوف الثورة الفلسطينية، لكن النتيجة جاءت مخيبة لآماله، فلم يفز، واعتقد ان كتاباته ستكون ضامنة لنجاحه في أي انتخابات قادمة ، وبالمركز الأول في أي محافظة أردنية.


قرار الحكومة تعيينه رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون ومديرا عاما بالوكالة لهذه المؤسسة جاء مفاجئاً لغالبية الأردنيين، وكما علمت من بعضهم ان دولة الرئيس سمير الرفاعي عندما عرض هذه التعيين على مجلس الوزراء اعترض وزراء لا اعرف عددهم وبينهم أصدقاء صدوقون للرفيق صالح، وطلبوا من دولة الرئيس تأجيل التعيين، حتى لا يقول المواطنون : ماذا عن اللجنة التي شكلتها الحكومة لاختيار شاغلي الوظائف العليا قبل أسبوع واحد، وقبل جلسة او جلستين لمجلس الوزراء، ابتسم دولته واكتفى بالقول ( هذه آخر مرة!!!).


لا أريد التوقف عند أسباب ودلالات التعيين، لأنني اعتقد ان غالبية الأردنيين تعرفها وتفهمها وان كانت لا تقدرها، ويبدو ان الهدف هو منح فرصة لمعالي صالح القلاب لقلب طواقي الأردنيين وتبديل قناعاتهم ودفعهم الى التراجع عن مواقفهم، وهو الأمر الذي كان يسعى اليه الزميل القلاب، عبر كل مقالة من مقالاته في الرأي او مقابلاته مع الفضائيات العربية وبخاصة فضائية العربية كما توفرت لدى الحكومة قناعة ثابته ان الأستاذ صالح سيتمكن خلال اسابيع او شهور قليلة من إقناع الناس بعدم متابعة فضائية الجزيرة التي منحوها ثقة ومتابعة وتصديقا وجرأة لم تستطع كل الفضائيات الأخرى ان تبدل منها شيئاً.



وعبر مقالاته في ” الرأي” كانت هذه المقالات قاذفة كراهية وعداء للكثير من الأشقاء، ومع ان الرفيق صالح أقام سنوات في سوريا الشقيقة، لكنه واصل استهدافها مباشرة وغير مباشرة، وبسبب كراهية الرفيق صالح لماضيه النضالي وقناعاته القديمة بأن ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة، وقف في مقالاته ضد كل شكل من إشكال المقاومة في العراق وفي فلسطين وفي لبنان وحتى في الصومال وأفغانستان وأمريكا اللاتينية، وقف مع محمود عباس ضد حماس ووقف مع الأنعزاليين اللبنانيين ضد المقاومة الوطنية اللبنانية التي يقودها حزب الله ، وقس على هذا كل صوت او فعل مقاوم في الوطن العربي، وبخاصة بالنسبة لإيران التي نشاركه عداءه لها فيما يتعلق بالعراق، لكن هذه المشاركة لا تسمح بالوقوف مع واشنطن وتل أبيب ومحور الاعتدال العربي ضد طهران.


الرفيق صالح ليس الوحيد فيما يتعلق بماضيه العسكري النضالي السياسي، ففي الصحافة الأردنية كتبة يبصمون للحكومات على كل ما تفعل وترتكب ويزينون لها أخطاءها وخطاياها، وهؤلاء الكتبة كان يتزنرون بقنابلهم ولا تفارق أيديهم بنادقهم كانوا يواصلون شتم او الهجوم على النظام الأردني العميل – وفق تعبيراتهم – بل ورفعوا فوق مآذن المساجد لافتاتهم التى تقول ( كل السلطة للمقاومة) والطريق الى القدس تمر بعمان وهاهم الآن يشتمون الشعب ويشتمون قياداته السياسية ويقفون الى جانب الحكومة بدون مقابل مادي او معنوي!!! بل ان بعضهم – معظمهم كانوا قوميين ويساريين – يتلقى المال والرشوات من واشنطن وغالبية العواصم الأوروبية من خلال مراكز دراسات تعمل كجواسيس ضد الوطن وضد أهله.


في ظل رئاسة الرفيق صالح لمجلس إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون وتوليه لمنصب المدير العام بالوكالة – بالمناسبة سيظل بهذا المنصب وسيظل له هذا المنصب – إلا اذا وجدوا مديرا اصيلا يحظى بموافقة رئيس مجلس الإدارة ستختفي عن هذه الشاشة كل الأشياء الجملية في شعبنا وامتنا، لن يسمح بالحديث عن بندقية صوت او ماء ولا بالحديث عن مسدس بلاستيكي او تنكي، ستشتم إيران وسوريا وحزب الله وحماس والمقاومة العراقية بصورة مباشرة او بصورة غير مباشرة لا يفوت إدراكها على المشاهدين، وستكون هذه المؤسسة الأردنية عدوا متربصاً بقطر وبقناة الجزيرة وقناة المنار ، ستكون الكثير من مصادرها اما من واشنطن او لندن او باريس وإعلامها السيء، وستكون الإذاعة الصهيونية والصحف الصهيونية المصدر المفضل، سيتم الدفاع عن ضرورة استمرار محاصرة الأهل في غزة وضرورة مواصلة الأشقاء اليمنيين والأمريكيين ذبح الشعب العربي اليمني، سيكون ضيوف التلفزيون والمشاركون في برامجه اكثر سؤاً مما هم عليه الآن، ستطول القائمة السوداء التي تضم مئات المفكرين والسياسيين والحزبين الأردنيين، وقبل هذا كله وبعده سيكون الإسلاميون الهدف المفضل، وهم جزء من نسيجنا الاجتماعي والجزء الأكثر نشاطا وجرأة من قوانا الحزبية، ومن هنا يمكننا القول ان الاستعداد الرسمي للانتخابات القادمة – هذا اذا تمت- وللخطوات الرسمية القادمة المتوقع اتخاذها قد بدأت بتعيين الأستاذ صالح قلاب على رأس هذه المؤسسة ويبقى سؤال لا بد من طرحه ونعرف اننا لن نتلقى اجابه عليه: هل ستطبق المدونة الإعلامية على الرفيق صالح، فيتوقف عن الكتابة في الرأي ام انه مستثنى من هذا التطبيق لأن على رأسه ريشه وفي قلمة ريشة ؟ اذا حدث وتوقف عن هذه الكتابة فأنني اعتقد ان هذه ستكون هدية حكومية ثمينة ومتمناه منذ زمن بعيد تقدم للأردنيين الذين في غالبيتهم يشتمون الرأي على نشر مقالات الرفيق القلاب قبل ان يشتموه وأرجو أن أكون مخطئاً ولا أظن ذلك.


وسؤال اخير لأعضاء اللجنة الوزارية المكلفة باختيار شاغلي الوظائف العليا: هل ما زلتم اعضاء في اللجنة ام قدمتم استقالاتكم حتى لا تحولكم الانفرادية باتخاذ القرارات الى شراشيب خرج مع الاعتذار؟!


ملحوظة : لا تفوت القارىء ان التعبيرات السيئة الواردة في هذه المقالة هي بعض ما كان يستخدمه الرفيق صالح أيام نضالاته السياسية والعسكرية ضد بلدنا.

خالد محادين

Tagged in :

الصورة الرمزية لـ ramahu

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


بالمختصر

تعتبر لائحة القومي العربي كل الإرث القومي العربي إرثاً لها، وتحاول أن تبني على منجزاته وإيجابياته وأن تتعلم من أخطائه وسلبياته، وتتميز عن غيرها على هذا الصعيد أنها تتبنى كل الرموز والإنجازات القومية سواء كانت ناصرية أو بعثية أو قومية يسارية أو قومية إسلامية، ولهذا فإن مشروعها هو بناء التيار القومي الجذري الذي يستطيع أن يواجه تحديات القرن الواحد والعشرين وأن يحقق الأهداف القومية الكبرى. فهي ترفض التقوقع في الماضي أو الدخول بأثر رجعي في صراعات داحس والغبراء بين القوميين العرب التي انتشرت في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات مما أسهم بإضعاف التيار القومي في الشارع العربي..