خبط.. لزق
محمد طعيمة
خيانتنا.. وبطولة العثمانلي
نعم أداء نظام حكم القاهرة في الملف الفلسطيني، ومنذ عقود، مُهين لكرامتنا الوطنية ويًهدد ثوابت الأمن القومي “القُطري”، قبل العربي. ولو توقف “أخوة يوسف” عند إدانة “مصر” في خطابهم.. لبدا الأمر مفهوماً، لكنه يبدو مثيراً للتساؤلات إذا تزامن مع التلاعب لـ”تعلية” آخرين، وتجاهل أن علاقات القاهرة بـ”عدوها الدائم” مؤقتة، وأن العلاقات بين “عدوها” والمنظومة الغربية الراعية له.. وبين “الآخرين”.. ترسخت، منذ الستينيات، في خندق التحالف الإستراتيجي.
يُخبرنا د. مصطفى اللباد، أبرز خبراء الملفين التركي والإيراني، أن كل التحالفات التي ربطت أنقرة بالغرب و(بإسرائيل) تمت في عهد حكومات تُوصف بـ”ذات مرجعية إسلامية”. فمنذ بداية الستينيات حسمت حكومات تركيا المتعاقبة خندقها.. إلى جانب المشروع الغربي.. ضد مشروعنا القومي بقيادة عبد الناصر، واستمرت حتى عام 2006، عام الحسم العسكري/ الانقلاب بغزة، لنسمع “تصريحات” مختلفة، تطبيقاً لـ”العثماني الجديد”.. النظرية التي وضعها أحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي في كتابه (عُمقنا الاستراتيجي) عام 1992. أوغلو، الذي تسلم حقيبته مايو الماضي، هو مهندس أول تواصل رسمي مع حماس عام 2006، وصاحب نظرية “الطريق إلى بروكسل/ الإتحاد الأوربي يمر عبر مكة”، حسب الكاتب “الإسلامي” محمد السماك بالمستقبل اللبنانية. وهو من ترأس الوفود التركية التي فاوضت بروكسل منذ عام 2005.
“العثماني الجديد” تعبير يعلو بتفاخر على ألسنة قادة العدالة والتنمية، تدشيناً لحلم استعادة الهيمنة “الطورانية” في حقبة خضع خلالها العرب، ستمائة عاماً، للاستعمار/ الحكم العثماني تحت راية الخلافة، ضمن مسلسل الصراع/ التنافس التاريخي بين القوميات الثلاث “الدائمة” بالمنطقة، يتقدم فيه الآن.. الأتراك.
تقدم ناعم مُتناغم. من فضائية وليدة، يُفترض أن تبث تجريبياً بالعربية أمس السبت.. مُستندة على اتفاق تعاون مع مؤسسة قطر للإعلام/ الجزيرة، إلى افتتاح أول مدرسة بالقاهرة هذا العام، ضمن منظومة الأب الروحي للرفاه ثم العدالة.. فتح الله كولن التعليمية، أكثر من ألف مدرسة موزعة بين دول النفوذ الطوراني، إلى عقد أول مؤتمر، أيضاً بالقاهرة، لمؤسسته الثقافية العابرة للحدود نوفمبر الماضي، إلى منظومة سياسة خارجية “غامرة” للمنطقة، تُوظف من أجل مصالحها “القومية” كل الأدوات.. من الدين إلى الإعلام. وهي، كما يؤكد اللباد في النهار اللبنانية، “ترسم سياستها الإقليمية بغطاء وتأييد أميركي“.
تقدم ناعم، في قلبه الإعلام.. الرافع الخافض، مُشكل العقول ومُحول القلوب. الخميس الماضي رفض (بُرهان كاياتورك) عضو لجنة الشئون الخارجية بالبرلمان التركي عن (العدالة والتنمية) ما وصفته مذيعة (الجزيرة) بـ”شرخ حقيقي بين أنقرة وتل أبيب”، مشدداً: “أردوغان ليس عدواً (لإسرائيل) كما يوحي البعض، هو يُنبهها إلى أخطاء تضر بها وبالفلسطينيين“.
كان النقاش على خلفية وجود تركي “مُهيمن” على قافلة غزة، وما وصفته (الجزيرة) بالدور الجديد لأنقرة وأخر تجلياته وساطة أردوغان لدى القاهرة، ودعوة منظمات تركية في أوربا للتظاهر أمام السفارات المصرية. كان (بُرهان) صادقاً، متسقأ مع سياسة مُترسخة لحزبه.. وأسلافه من الأحزاب “ذات المرجعية الإسلامية”، من تصويت البرلمان لصالح “التصفيق” للرئيس (الإسرائيلي) أثناء زيارته لتركيا، إلى… و.. و: أعلن وزير الطاقة التركي تدشين “مشروع القرن” بين أنقرة (وتل أبيب)، وهو خط أنابيب يربط البحر الأسود بالبحر الأحمر، في خطوة، حسب تعبيره الحرفي، “تعزز أمن طاقة (إسرائيل) ودور تركيا كمركز لها”. موضحاً “الخط سينقل النفط والغاز والكهرباء والمياه وكابلات الألياف الضوئية. وسيمتد إلى (عسقلان) المحتلة ليلتقي بخط أنابيب يؤدي إلى (إيلات)”. (رويترز – 15ديسمبر 2006.)، (إيلات) نفسها احتضنت مناورات عسكرية بحرية مشتركة.. (القدس العربي – 29 أكتوبر2009)، وقبلها تلا مشروع القرن مشاريع، لم تكن كافية، فتعهد الطرفان بتعزيز علاقاتهما أكثر، اقتصاديا.. و”دفاعياً”، باتفاقية أشمل.. (الجزيرة نت – 24 نوفمبر2009).
إعلام، يتجاهل تطبيق تركيا “الأمين” لقرار منع وصول الأسلحة لحزب الله، بإجبار ثلاث طائرات إيرانية مُتجهة إلى سوريا على الهبوط في أراضيها لتفتيشها.. (أرنا، أ ف ب – 20 سبتمبر 2006)، وشكر( تل أبيب) لتركيا على إحباط هجوم لحزب الله على أهداف (إسرائيلية).. (يو بي آي- 9 ديسمبر 2009). وشراء تركيا صواريخ روسية مضادة للطائرات، كالتي تسعى إيران لشرائها، وتمكينها خبراء صهاينة من التدرب على تحييدها.. في تدريبات مشتركة مع سلاح الجو التركي.. (القدس العربي – 8 أكتوبر 2008)، ضمن اتفاقية “قديمة”، أصبح معها المكان “الطبيعي” لتدريب الطيارين الحربيين (الإسرائيليين) هو القواعد التركية، ومنها إلى سماء القصف.. في فلسطين ولبنان، وقبلهما مصر وسوريا، وأحياناً العراق وتونس. وفي المقابل شارك خبراء طيران صهاينة بهجمات تركية على شمال العراق.. (الخليج – 28 ديسمبر 2007).
إعلام، يُضخم “تصريحات” ويتجاهل سياسات تفرز وقائع وأخبار “جذابة مهنياًً”، منها في ذات أسبوع معركة قافلة غزة: تسلم أنقرة 10 طائرات حربية من دون طيار صنعتها شركة «هيرون» ذات الرأسمال التركي/ الرسمي – الصهيوني، وفي خلفيته اتفاق على تصنيع 102 طائرة مماثلة يتقاسمها الطرفان.. (رويترز – 22 ديسمبر2009). والاتفاق على توسيع رحلات شركات طيرانهما.. لتشمل مطارات اسطنبول وأنقرة وأزمير وانطاليا ودالامان، إلى ومن، (تل أبيب وحيفا و إيلات).. (يو بي أي، أ ش أ – 31 ديسمبر2009).
إعلام.. خافض رافع، يُضخم هنا ويتجاهل هناك. إعلام، هدفه دائماً.. مرمانا.
m.taima.64@gmail. com
العربي
الأحد 3 يناير 2010
اترك تعليقاً