بقلم: أسعد حمود
جريدة اللواء اللبنانية
بات أمراء الحرب اللبنانية التي قضت على مقومات الشعب الثقافية، الإنسانية والإجتماعية يطلون علينا يومياً عبر وسائل الإعلام المختلفة مدعين بوقاحة شجاعتهم وحرصهم الشديد على لبنان واللبنانيين؟!! في حين يدرك اللبنانيون انفسهم حقيقة هذا قبل وبعد توليهم زمام الحكم في لبنان، بل ان مناصبهم في هذه المرحلة بالذات كان يجب أن تكون للشرفاء ممن يمتلكون الضمير الحي للوقوف إلى جانب أهلهم وناسهم لمساعدتهم في ماسيهم دون تمييز طائفي أو مذهبي، ولن يكون غريباً إذا قلنا ان الغالبية من الذين يدعون أو يتولون مسؤولية إدارة شؤون الدولة لا هَم لهم سوى ملأ جيوبهم وتثبيت مصالحهم المرتبطة بعصاباتهم الملتفة حولهم أو ما يطلقون عليه هم إسم أحزاب.
وبعيداً عن الخوض في غمار البحث في نتائج الإنتخابات النيابية لا بد لنا أن نشير في هذا السياق الى ادعاء كلا المعسكرين الاذريين حصولهم على الأغلبية النيابية قبيل الإنتخابات، إلا أن الوفرة المادية وتأجيج الخطاب المذهبي لعب إلى جانب معسكر الاذاريين المناوئين لخط المقاومة والمحسوبين على معسكر أنظمة الإعتداء (الاعتدال العربي-السعودية، مصر والأردن ومن خلفهم أمريكا والكيان الصهيوني-) إلا أن تفوقاً شعبيا حاز عليه معسكر تحالف المقاومة (الذي يضم المقاومين والمستفيدين والخائفين والمدعوم من إيران وسوريا) حفظ ماء الوجه وضمن الغطاء السياسي لهذا الخط الذي حاز على على ثمانمئة وخمسة عشر ألف صوت بمقابل حصول الأغلبية النيابية على ستمئة وثمانين ألف صوت. كان الله في عون اللبنانيين لأن ضعاف النفوس الذين ركبوا موجة ثورة الأرُز(التي حصلت على أثر اغتيال الحريري الأب ومعظمهم كان في السلطة إبان حكم سلطة ال الجميل الصهيونية أو حكم النظام الإستخباراتي ) تمكنوا من الوصول إلى سدة الحكم مجدداً، وهم لم يظهروا لنا ما يدل على حرصهم على الشعب الذي انتخبهم، أوليس هم من يتحملون انقسام اللبنانيين الى طوائف ومذاهب متناحرة وبروز الأحقاد والثأر بسبب توجهاتهم الطائفية والفئوية وهم يطلون علينا يومياً قبل الإنتخابات وبعدها بالتناوب مؤكدين على الوحدة الوطنية وعلى الأخوة التي تجمع فيما بينهم؟!
إن الأمان والأمن المنشودين في لبنان لا يكون بغلبة طائفة على أخرى ولا باصطفاف مذهب ضد الاخر فثماني عشر مذهب لا يشكلون دولة بل يؤلفون ثمان عشر كانتون, وانتقادنا لا يمس المذاهب بل المذهبيين الذين هم افة كل مجتمع وبلائها، فتعدد الطوائف كتنوع الورود والأزهار في حديقة جميلة أما الطائفية فهي وباء مؤلف من أمراض عديدة يؤدي إلى القضاء على بنية المجتمع. إن إدارة النظام اللبناني بعد الطائف من ذات الفئة الموبوئة التي تحكم حتى الان حيث عملت على تعميق الطائفية والمذهبية والمحسوبيات وبات اللبنانيون مرغمين على مبايعة هذا الديكتاتور الطائفي او ذاك، مما يزيد الرعب ويبعد الإطمئنان بين ابناء الشعب الواحد، فلو أنهم ذوي عقلية سياسية متطورة تضع مصلحة النظام والشعب وتصون إنجازاته ومكتسباته فوق اعتبار الأنا المذهبية والمصالح المادية لما خضنا حروبا فيما بيننا راح ضحيتها الالاف و ما زال يعاني منها مئات الألوف من جروح الحرب المستديمة.
هنا يجب القول إن التغني بالديمقراطية لا يغني ولا يسمن من جوع فلا يعقل أن نلبس لبوس الديمقراطية وتمارس علينا ديكتاتورية ثماني عشر ديكتاتوراً يقومون باستفتاء لتسلطهم على العباد ورقابهم.
ختاماً، إن الإنتخابات وكل ما يتعلق بسياسة الساسة الحاكمين في لبنان فإنها لا تعبر عن منهج ديمقراطي وعليه فإن كل ما يبنى او يؤسس في ظل هؤلاء فهو مهزلة تمارس بحق الشعب المسكين وأنا اؤمن بأن الحل الذي سيعيد لبنان وشعبه إلى الإستقرار لا يمر من خلال هؤلاء ولا من خلال أنماط انتخابهم التي لا تجدي نفعاً بل انه يكمن بما يلي :
-ممارسة الديمقراطية الحقيقية باعتماد طريقة الانتخاب النسبي بما يعكس علاقة الدولة مع مواطنيها , واختيار المواطن للممثل الحقيقي الذي يستطيع ان يقدم له الخدمات الفردية والجماعية ليعيش بكرامة وشرف في دولته.
-الغاء قاعدة التمثيل الطائفي في كل المبنى المؤسساتي للدولة, واعتماد الكفاءة والاختصاص في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والامنية والعامة ,مما يشجع اعتماد هذا ايضا بالمؤسسات الخاصة والفردية او المستقلة ليكون بالفعل لبنان لكل اللبنانيين .
-نص قانون تشكيل جديد للأحزاب يضع نصب عينيه إقرار شروط حضارية متمدنة لتشكيلها يتناسب مع التطور الذي تشهده البشرية نحو العدالة والديمقراطية بعيداً عن المذهبية والطائفية.
-تحويل أمراء الحرب الأهلية وزعماء عصابات سرقة المال العام إلى المحاكم الجنائية.
وإذا أردنا التوجه لبناء الدولة القادرة العادلة من خلال التكامل الطبيعي بين المقاومة والجيش وحكومة ومجلس نيابي منتخب بكل نزاهة وشفافية وكفاءة فالحل سهل (ممتنع) فهو يكمن بقراءة جيدة وواقعية لما أوردنا أعلاه وبرفض الأنظمة الديكتاتورية الثماني عشر التي تتحكم بنا وبمستقبل ابنائنا وسلامتهم
.
اترك تعليقاً