ليس بالهين ولا بالقليل ما يعانيه شعب بأسره شاء له القدر أن يكون ابن تلك الأرض الواقعة شمال الخليج العربي ومحاذية للعراق في الآن نفسه،والمعروفة باسم (الأحواز)عربيا،وبـ(خوزستان) فارسيا بعد اِمتداد يد التغيير عليها في العام 1936م،والتي ربما عُبِّر عنها أيضا باسم (عربستان) أي أرض العرب،لانتساب معظم قاطنيها البالغ عددهم أكثر من خمسة ملايين نسمة إلى قبائل عربية عريقة كبني تميم وبني أسد وبني لام وبني كعب وطيء والزرقان وآل خميس وآل كثير وغيرها.
ونحس هذا الطالع القدري لا يكمن في تلك الأرض,فهي أرض معطاءة ثرية بالنفط والجمال, ولا هو أيضا مقترن بانتماء أهلها إلى أولئك العرب الخلـّص الذين سجلت لهم البطولة وقائع شتى كانوا فيها حماة المنطقة ومحصنيها ضد قوى الاستعمار الأجنبي، لكنه كامن في وقوع تلك الأرض العربية بقبضة دولة إيران الفارسية المعادية للعروبة والعرب,ومقترن بذلك التمييز العنصري الذي تشّنه تلك الدولة الظلامية ضد مواطني ذلك الإقليم العربي من منطلق شعوبي شوفيني يزداد بمرور الأيام ضراوة وبُعدا عن كل ما هو إنساني ومتحضر نصّت عليه الوثائق الدولية وشرائع حقوق الإنسان فضلاً عن التعاليم السماوية التي حضّت على مبدأ تعارف الشعوب والقبائل؛وهذا هو السر الوحيد والمسؤول الأول عن ولادة وتنامي واستمرار معاناة أحبائنا وأهلينا في الأحواز .
وبشيء من التجّوز,ربما صح لنا الاِستخلاص التالي : إنّ هذه المعاناة تنامت تاريخيا للدرجة التي يمكن وصفها بسياسة إرهاب منظم تمارسها الدولة وذلك منذ العشرين من نيسان عام 1925 حين اِنقّضّت قوات الاحتلال الفارسي بأمر من الهالك رضا خان بهلوي على هذا الجزء الغالي من الوطن العربي عقب انهيار الاِستقلال الذاتي لبعض مناطقه في أعقاب الحرب العالمية الأولى وهزيمة الإمبراطورية العثمانية, بمساندة من الغرب الاستعماري البريطاني الطامح إلى جعل إيران صمام أمان له من خلال بناء جدار فكري وسياسي يوقف المد الشيوعي المتفجر باندلاع الثورة البلشفية عام 1917-م .
ولئن كان التمييز العنصري الذي تمارسه الدولة العبرية ضد العرب الفلسطينيين ليس إلا صورة من صور الصراع من أجل البقاء,فإن مثيله الذي يشنه النظام الفارسي ضد العرب هو أيضاً صورة من صور الصراع من أجل الاستعلاء والاِستحواذ والتوسع,ضاربة بكل القيم الإنسانية والأخلاقيات الدينية عرض الحائط في سبيل إحياء الهوية الصفوية الساسانية والمتجلية بوضوح في الفكر الطائفي المتطرف الذي كانت وما برحت تتبناه وتروج له مختلف الأجهزة الإيرانية في مختلف بقاع المنطقة,وهو فكر مغاير –بطبيعة الحال- لروح الإسلام وبالتالي للتشيع العلوي الذي هو مدرسة فقهية ضمن المدارس الفكرية الإسلامية المتعددة ، هذا التشيع العلوي المعتدل والمغيب بلهَ المطموس بقوة الآلة الإعلامية الموجهة وتأثير ما يسمى بالمرجعيات الدينية المذهبية المزورة والتي يعمل رجالها ليل نهار بقصد أو بغير قصد في خدمة هذا المشروع العنصري الإقصائي القائم على الكراهية والاِنتقام كمحور جوهري تتم تحت سمعه وبصره وبمشورة منه قولبة المفاهيم الإسلامية وصياغة الأفكار على مقاس معين بغية التعامل مع الأحداث وتقويم الآخرين والتعاطي معهم بشكل يناسب الطموحات الفارسية التوسعية,ولا أدل على ذلك من التدخل الإيراني السافر في الشأن العراقي ومحاولة شطب هويته العربية باستخدام المرجعية النجفية المذهبية مباشرة أو بشكلٍ غير مباشر كأداة تأثير على الجهلاء والبسطاء والرعاع والمرتزقة داخل القطر العراقي وخارجه،ومن خلال أموال الدعم الكثيف للمنظمات والتنظيمات المسلحة التي تدورفي فلك رؤيتها السياسية وعبر توجيه اختياراتهم العملية وبرمجة عقولهم بما يخدم الدولة الفارسية, حيث تحول التشيع من نزعة دينية يفترض أن تكون سامية,واجتهادات مذهبية يفترض أن تكون نزيهة,إلى قانون حل للمعادلات بما يشبع رغبات عدوانية لساسة طفحت قلوبهم صلفا وتعصبا وأطماعا امبريالية مريضة,فأين هذا كله من الفلسفة العلوية / الحسينية الراقية والداعية إلى العدل ومقاومة الظلم والعمل على كل ما من شأنه تحقيق مصلحة المسلمين وإرساء دعائم إسلامهم باليد واللسان والقلب :ما شاء رسول محمد [ص] أي بالإرادة لا بالشعارات الكلامية البرّاقة التي سرعان ما تذهب مع الريح تاركة خلفها حقيقةَ أن إيران تقول للناس ما يبهج مشاعرهم ويجيشها في صفها بينما تمد اليد لعقد الصفقات القذرة في الخفاء بعيدا عن السذج والمنخدعين بثورتها المؤدلجة العنصرية البغيضة.
ونحن حين نصف هذه الثورة بالبغيضة لانعتدي على الوصف الدقيق للواقع الملموس،كوننا أخذنا من تطورات الأحداث الواقع شاهدا جليا,فقد وقف الأحوازيون إلى جوارها ـ فيمن وقف معها ـ على أمل أن تخلصهم من نير الحكم الاستبدادي المتعالي للشاهشنشاه المقبور،فإذا بها – وبمجرد الوصول إلى سدة الحكم- راحت في كل ممارساتها تقلب لهم ظهر المجن وتجرعهم من ذات الكأس الشاهنشاهية إلى الدرجة التي يعامل فيها شيعة الأحواز العرب –فضلا عن السنة- معاملة يهود الفلاشا في دولة الكيان الصهيوني, حيث يعامل الأحوازيون كما لو كانوا مواطنين في الدركات السفلى بقمعية لا يمكن إلا أن تصدر عن محتل لا عن دولة متحضرة تجاه مواطنيها أيا كان انتماؤهم الديني والفكري والسياسي والعرقي.
وكيف لا يكون توصيف ما يعانيه الأحوازيون احتلالا والأمر يتجاوز حرمانهم ليس من تعليم أولادهم بالعربية وتلقينهم ثقافتهم القومية فحسب,بل إلى ما هو أبعد من ذلك,إلى حرمانهم من تسمية حتى أولئك الأولاد بأسماء عربية في محاولة تستهدف إضعاف ارتباطهم بالجذور الحضارية والقومية لأمتهم العربية ,ويأتي لدعم هذه الخطة المنافية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان خطوات أخرى لا تقل خبثا وظلامية,ومن ذلك فرسنة الأرض بتحويل أسماء مدنها وقراها ومعالمها العربية إلى مسميات فارسية بغية طمس معالمها,هذا مع مواصلة تغيير التركيبة السكانية للإقليم العربي بمزيد من عمليات تهجير العرب وتوطين الفرس مع ما يتبع ذلك من مصادرة للأراضي دون وجه حق.
ولا يقف الإجرام الفارسي الشعوبي عند مصادرة الحقوق الثقافية والممتلكات الشخصية ولكنه يتعداه إلى مصادرة الحرية والحياة نفسها بسلاسل من الاعتقالات القمعية المتواصلة والقتل المتعمد قبل ومع وبعد كل تحرك أحوازي يجري نتيجة الضغط الرهيب والتفرقة في المعاملة ، وذلك ليس ابتداء بالدوائر والمؤسسات ولا انتهاء بالمراكز والمستشفيات وإنما أيضاً في كل مرافق الحياة المتنوعة ,إذ يُقدم الفارسي على العربي في التعامل اليومي لمجرد فارسيته وليس لأي اِعتبار آخر يقع خارج دائرة الرؤية العنصرية والنظرة الدونية المدعومة من قبل الدولة والشائعةِ على ألسنة رموزها وفي تراثها الفكري وأجواء حوزاتها المتعفنة.
من هنا ومنذ حلول نكبة نيسان في منتصف عشرينات القرن الماضي اختار الشعب الأحوازي المقاومة الوطنية السلمية المطلبية والعنيفة التحررية فقام بعدة ثورات,فَقَدَ على إثرها الكثير من رموزه وأبنائه,وما يزال عشرات الآلاف من أحراره وحرائره قيد الاعتقال,وما زالت جراحاته تنزف تضج دما,وما يزال الاحتلال الفارسي يواصل التفريس والافتراس.
فهل لهذا الشعب العربي الأبي المقاوم أن يطمع في وقفة مشرفة إلى جواره خلال محنته العصيبة ،إذا لم يكن ذلك الموقف المشرف نابعاً من القيم القومية والإسلامية -وكفى بهما دافعا- فليكن باسم الإنسانية والدفاع عن القيم العليا ونشرا للعدالة وإحلالا للسلام ؟!,أم أنَّ على الأحوازيين أن ينتظروا حتى مجيء يوم تتعارض المصالح الأمريكية فيه مع المصالح الإيرانية إلى الحد الذي يسمح بتفجير هذه القضية وفتح ملفاتها كونها ستصبح ورقة ضغط ومساومة رابحة, وعندها فقط نتحرك حسب الرغبة الأمريكية كعود في حزمة المجتمع الدولي بعد أن تشحننا وسائل الإعلام بأرشيفات ومراثي ما نحن اليوم عنه غافلون.
ومتى علينا أنْ ندرك أنه ليس من الضروري أن تتبنى الإدارة الأمريكية وأعوانها القضية الأحوازية لتكون قضية عادلة؟ ! .
الخارطة الجغرافية لإقليم الأحواز المحتل
أن كل شعب يطالب بحق تقرير مصيره ورفع الظلم والعدوان عن أرضه ومجتمعه يُلْزِمُ كل حر صاحب ضمير حي بتبني قضيته كما لو كانت قضية شخصية تمسه بالدرجة الأولى, هذا إذا كان للحرية مناصر وللكرامة معنى وللحق من يعلنه ويسعى إلى إقامته,فالقيم والمبادئ مطلقة لها الأولوية في الممارسة اليومية وثابتة في الأعراف السياسية الحرّة ، وبالتالي لا يصح ربطها بالمصالح الشخصية ولا بالسياق الزمني وإلا تحول القتل والقمع والاستبداد والإرهاب الفكري والسياسي والاجتماعي إلى وسائل مشروعة ومواقف لها مبرراتها ومباركوها أيضاً ، وما على الناس إلا التعايش معها والقبول بها كوضع طبيعي, وحين يحدث ذلك فقل على الدنيا ومن فيها السلام.
سياسة التفريس والإفتراس من خلال المعلومات عن وطننا :
* ـ الموقع الجغرافي والحدود:تقع المنطقة العربية:الأحواز التي أصبحت جزءاً من الدولة الإيرانية في عام 1925 في المنطقة الغربية الجنوبية من إيران وعلى الخط العرض 30 ـ 33 درجة شمالاً،وطول 48 ـ 51 درجة شرقاً. وتحدها من الشمال جبال كردستان،ومن الشرق جبال زاكروس ومن الغرب جمهورية العراق،ومن الجنوب الخليج العربي .
* ـ عدد نفوس الشعب العربي :لا توجد إحصاءات دقيقة عن المكونات العددية للسكان العرب بصورة رسمية،وتتباين الأرقام بين أعلاها وأدناها وفقاً لبعض المصادر والطبيعة التكوينية القومية أو الفكرية للقائلين بها،ويبلغ عدد السكان طبقاً لإحصاء قدمه أحد النواب في برلمان ما يسمى بالبرلمان الإيراني في عام 1999 بأكثر من أربعة ملايين نسمة،في حين تقول بعض الإحصائيات غير الرسمية إن العدد يفوق هذا الرقم ليصل إلى أكثر من عشر ملايين عربي.
* ـ تتألف المكونات الشـعبية في الدولة الإيرانيـة من الشعوب التالية ووفق النسـب المئوية المرتبة ترتيباً تنازلياً :
1 ـ الأتراك الأذريون : وتبلغ نسبتهم: 33 % ـ 35 % .
2 ـ الأكراد : وتبلغ نسبتهم : 10 % .
3 ـ العرب : وتبلغ نسبتهم : 7 % .
4 ـ البلوش : وتبلغ نسبتهم : 2,5 % .
5 ـ التركمان : وتبلغ نسبتهم: 2,5 % .
وبذلك يكون المجموع : 53% ـ 55% . أما الآخرون فهم من الفرس التي تبلغ نسبتهم: 45% هذا على المسـتوى القومي.
أما على المستوى المذهبي من الناحية الدينية وبشكل أساسي،فإنَّ الغالبية هم من الشيعة المسلمين،أما من السنة المسلمين فتتراوح نسبتهم المئوية بين: 10% ـ 15%.
ويتضمن الدستور الإيراني القول بالتعددية القومية في الدولة الإيرانية،وينص ـ مثلما يحث نظرياً ـ على ضرورة المساواة والتكافؤ بين هذه المكونات،ولكنها ـ باِستثناء الفرس ـ تشكو بقية المكونات القومية من التمييز العنصري والإهمال،الأمر الذي يتناقض مع مفاهيم الدين الإسلامي ـ الذي يدعيه النظام الإيراني ـ الذي يقر بمفهوم القبائل والشعوب باِعتبارها مخلوقات متساوية أمام الله .
ومعلوم إنَّ كل التكوينات الاِجتماعية تتمتع بالأصول اللغوية المشـتركة الراسخة، والجغرافية الموحدة،والعادات والتقاليد الاجتماعية المتمايزة،والتي تضمها بوتقة التكوين التاريخي الموحد، وما يترتب عليه من ثقافة مشتركة مع الذات أو تتقاطع [أي تلتقي] مع الآخر أو تفترق عن الآخـر .
وفي أعقاب قيام ثورة شباط عام 1979 التي شارك فيها شعبنا العربي في الأحواز بنشاط ملحوظ ومتقدم،فإنَّ المواد 15،19،48حول المجالس المحلية ما يزال تطبيقها متعثراً فيما يتعلق بالقوميات غير الفارسية،علماً إنَّ نواقص ملموسة تشوبها من الناحية النظرية تؤدي إجبارياً إلى اِنعدام التكافؤ في نيل الحقوق القومية الطبيعية .
ولعل الدليل الأبرز على عدم التكافؤ هو الغياب المتعمد عن إجراء أي إحصاء رسمي يتسم بالصدق والدقة بما يتعلق بالتركيب القومي للسكان،ومحاولة السلطة حصر مجموع هذا التركيب بالطابع الديني أو المذهبي لتكوينهم الفكري والاِجتماعي .
* ـ واِستناداً إلى بعض المعطيات المتوفرة فإنَّ 23 % من الدارسين العرب يتركون دراستهم في المرحلة الاِبتدائية. ويترك 50 % من الطلاب في الدراسة المتوسطة. و60% ـ 70% من المرحلة الثانوية. . . وتشير هذه النسب إلى طبيعة التمييز على المستوى القومي العربي في الدولة الإيرانية،كما يشير إلى الحرمان الذي تعانيه هذه الشريحة الاِجتماعية التي لا يتجاوز عمرها العشرين عاماً،كما يبين ذلك بالملموس إلى رميهم في سوق عرض العمل الذي يجري التعامل معهم على أرضية الأجور الزهيد جداً ، الأمر الذي يؤدي إلى إفقارهم المتزايد في ظل الغلاء الذي تتزايد نسبه بشكل متواتر ، جراء وضعهم الحياتي والاِقتصادي والاِجتماعي المزري .
* ـ خصوصاً وأنَّ 66% من المواطنين العرب يشغلون 6,6% من المقاعد في أكبر جامعة دراسية تضمها مدينتهم الأحواز العاصمة . . .وإنَّ عدد الطلاب فيها 6000 من مجموع الطلاب الإيرانيين الجامعيين البالغ عددهم ثلاثين ألف طالب إيراني وذلك في مدينتهم العربية “الأحواز العاصمة” وهذا يعني إنَّ الخمسة بالمائة من السكان العرب يشغلون مقاعد دراسية 15 نسبة إلى عشرة آلاف من كل الحجم التعليمي في الجامعة . . . أما في عام 2002 ـ 2003 فبلغ مجموع الطلاب العرب 6000 طالب من أعداد طلاب كل إيران الذين يبلغون الأربعة ملايين طالب . . . أي أن كل عشرة آلاف طالب يقابلهم 15 طالباً عربياً فقط في زمن التدفق الإعلامي والعلمي وتنمية المهارات الفردية .
* ـ ويمنع على العائلات العربية من إطلاق أسماء عربية على أبنائهم وبناتهم بذرائع مختلفة،فأسماء هشام،وعمر وخالد وأبي بكر ورائد،وياسر،وحتى أسماء مثل شيماء،وهو اِسم أخت الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، يمنع تسجيلها وفق التعليمات العليا لموظفي الأحوال الشخصية ، الأمر الذي كانت تمارسه الدولة البلغارية في زمن تيودور جيفكوف:الرئيس السابق ضد المسلمين بحرمانهم من الأسماء ذات الأصول العربية أو الإسلامية،ويشكل كل ذلك قمة من قمم التمييز العنصري وحرمانهم من أبسط حق عند الفرد العربي في إيران .
وهناك حرمان مقصود للعرب من تخصيص برامج إذاعية وتلفزيونية،ومدة البث فيها لا تتجاوز الفترة الزمنية التي تتراوح بين نصف ساعة وساعة واحدة،وتسوق فيها برامج ـ غالباً ـ غير هادفة للتنمية العربية،ويُتجاهل فيها تراثهم وحاضرهم ناهيك عن مستقبلهم على ضوء اِهتماماتهم العربية .
* ـ وفيما يتعلق بالجانب التربوي للنشء الجديد فإنَّ هناك نصوصاً أدبية وفكرية تنافي الحقائق التاريخية،مثلما هناك بعض التزوير التاريخي لتفسير الأحداث،تحتويها المناهج المدرسية والدروس المعرفية في الكتب الدراسية التي يقرأها الطلاب في مختلف المراحل الأولْ،وكلها تترافق مع تحقير التاريخ الأحوازي العربي بشكل خاص،والإهانات المتواصلة تلحق بالجانب القومي العربي للمجتمع ، الأمر الذي يؤجَج في ظلها وخلالها مظالم لا حصر لها .
مثلما تتطرق إلى هذا الجانب ـ وبشكل متكرر ـ الأجهزة الإعلامية الرسمية الفارسية ويركز خلالها على الأدباء:الكتّاب والشـعراء الفرس العنصريين المعروفين بعدائهم للقومية العربية كمحمد علي فردوغي ومحمود أفشار وميرزادة عشقي وسعيد نفيسي و آخوندزاده ،ويتعمدون دائماً وفي كل المناسبات المتاحة للاِنتقاص من شأن الأمة العربية والعرب والإساءة للعربستانيين ،اِنطلاقاً من المشاعر القومية الفارسية العدائية التي لا يمكن تفسيرها بغير اِبتعاد السلطة الإيرانية عن القيم الحضارية الإسلامية التي تحض على المساواة ورفع شأن المسلمين على قاعدة الأخوة العامة لهم .
* ـ وفيما يتعلق بالآثار الماضية والمشاهد التاريخية المعنوية التي يحرص الشعب العربي الأحوازي من خلالها على الاِهتمام بها فقد جرى تجاهلها تماماً،وفي بعض الأحيان على إزالتها،كما جرى مع القصر التاريخي للرمز المعنوي عند كل العرب : الشيخ خزعل الكعبي في مدينة الأحواز التي أزيل من الوجود تماماً وتسوية قطعة الأرض التي أنشيء عليها بالبلدوزرات وذلك في أوائل التسعينات الماضية ، وجرى تحويلها إلى كراج خاص بالنقل و المواصلات .
في الوقت الذي تحرص فيه جميع الدول المعاصرة والمتحضرة على تنمية المتوفر من هذه المراكز التاريخية في محاولة لتذكير السكان بأمجادهم ، إلا أنَّ هذا العمل القومي الفارسي العنصري يسعى لنثر أغطية النسيان عن الذاكرة الشعبية القومية وكذلك عن الرموز الوطنية للعرب جميعهم . كما يجري الإهمال المتعمد لقصره التاريخي الآخر في مدينة المحمرة في حين يجب تجديده ورفده بكل الآثار المحلية وتحويله إلى مزار تاريخي يعزز ذاكرة الأحوازيين الوطنية والقومية .
* ـ وحتى حجم الاِستثمارات المركزية التي تقوم بها الدولة الإيرانية في المناطق المختلفة يُتجاهل فيها متطلبات التنمية في الأحواز،بله تتراجع نسبتها حتى قياساً بفترة ما قبل الثورة الإسلامية التي شارك في تنفيذ فصولها المضيئة الشعب العربي الأحوازي،في الوقت الذي ينبع من أرضها النفط الإيراني،وتشكل العائدات المالية الناجمة عن ذلك النفط بنسبة 80% ـ 90% من مجمل تلك الإيرادات،وكذلك ثروة الغاز الطبيعي الذي تحتويه اراضي الاحواز بوفرة وغزارة ،ناهيك عن كل التجارة الناجمة عن تصنيع التمور المختلفة والتي تصدر إلى الخارج الإيراني .
كما جرى التجاهل التام لأي إصلاح زراعي يمس المنطقة وإحياء للأرض أو تطهير جداولها المائية المهمة وتنمية الثروة السمكية.وخصوصاً إنَّ الدراسـات المحلية أثبتت صلاحية الأرض للزراعة الكثيفة بالحمضيات والموز وبكميات تجارية كبيرة وكثيرة، ورغم توفر ـ كذلك ـ الأيدي العاملة المحلية والزهيدة الأجور .
* ـ وهناك الطبيعة المتدنية للواقع الاِجتماعي للسكان العرب وإفقارهم المتزايد،إذ يشكلون المادة الأساسية لأحزمة الفقر السكنية التي تطوق المدن العربية في حين يسكن تلك المدن الأغنياء من القوميات الأخـرى المكونة للدولة الإيرانية.وعلى سبيل المثال،فإنَّ 66% من مجموع العنصر العربي يشغلون 5% من المناصب الرسمية العربية في مدينة الأحواز .
وخلال الفترة التي أعقبت قيام الثورة الشعبية الإيرانية في شباط 1979 شهدت المنطقة تعيين أئمة مدن:الأحواز والمحمرة وعبادان،وغيرها،من الأصول غير العربية في حين جرت العادة في العهود السابقة على اِندلاع الثورة على تعيين أئمة المساجد من الأشخاص العرب،إنَّ كل ذلك يدلل على إبعاد العناصر العربية بصورة منهجية ومبرمجة على تلقي العلوم الدينية التي تهتم بها السلطة القائمة، ويمنعهم من تنمية مستوياتهم الثقافية التي ترتبط بجذورهم الحضارية العربية الإسلامية .
وخلال الفترة الماضية شهد شعبنا العربي ظواهر اِجتماعية خطيرة لا يمكن تفسيرها بغير الحرص المقصود لبعض الأطراف الرسمية في النظام على نشرها وتعميمها والتي تستهدف إفساد الشباب العربي من خلال الترويج لمسببات هذه الظواهر الاِجتماعية الخطيرة،من قبيل نشر ظاهرة المخدرات والترويج لتعاطيها والإدمان عليها،ولو درسنا لحالات الاِنتحار المصاحبة لها،لوجدنا إنَّ النسبة فيها تفوق في منطقتنا العربية عن أية منطقة أخرى ، خصوصاً في السنوات الأخيرة.كما إنَّ معدل البطالة تجاوزَ في بعض الحالات وفي كل الأشغال التي تتطلب كفاءة أو لا تتطلب الكفاءة قد بلغ أكثر من : 70% .
كما يجري على قدم وساق تنفيذ سياسة مبرمجة تستهدف مصادرة الأرض من بعض المزارعين الكبار أو الصغار ورميهم في مستنقع البطالة،أو جعلهم من سكان مدن الصفيح والأكواخ المحيطة بالمدن،وتجري عمليات المصادرة بذرائع مختلفة من قبيل تأسيس مشروع قصب السكر وجلب العناصر الفارسية للعمل به،وإقامة معسكرات خاصة بالجيش الإيراني بدعوى الحفاظ على الأمن .
الوفد الوطني العربي الأحوازي
الذي زار القاهرة بهدف التعريف بالقضية الأحوازية
بمناسبة الذكرى 83 للإحتلال الفارسي للأحواز
20 – 4 –
لائحة القومي العربي
أحمد عدنان الرمحي
اترك تعليقاً